ياسر عرفات بعد عشر سنوات… ماذا بقي من القضية

ياسر عرفات بعد عشر سنوات… ماذا بقي من القضية

ياسر عرفات بعد عشر سنوات… ماذا بقي من القضية

 الالأردن اليوم -

ياسر عرفات بعد عشر سنوات… ماذا بقي من القضية

خيرالله خيرالله

ما الذي سيقبل به الفلسطينيون بعد رحيل 'أبو عمار'؟ ماذا بقي من القضية؟ هل يقبلون بشبه دولة في غياب القدرة على إقامة دولة؟.
يصعب التقويم الموضوعي لسيرة رجل كبير مثل ياسر عرفات غاب قبل عشر سنوات. ما يزيد صعوبة ذلك، الميل الطبيعي إلى المبالغة في مديح الرجل في ضوء الفراغ الذي خلفه. لعلّ أفضل تعبير عن هذا الفراغ، غياب القائد الفلسطيني القادر على الحلول مكانه في أيّ من المواقع التي شغلها إن في منظمة التحرير الفلسطينية، وإن في “فتح”، وإن في الجانب المتعلّق بمواجهة صعود “حماس” التي أقامت كيانا خاصا بها في قطاع غزة.

لم يكن ياسر عرفات شخصا عاديا. كان مجموعة من التعقيدات أوصلت في مرحلة معيّنة إلى اتفاق أوسلو الذي كان نتيجة منطقية لتوازنات إقليمية لم تكن في مصلحة المشروع الوطني الفلسطيني.

ما لا يمكن تجاهله أن اتفاق أوسلو (عام 1993)، جاء في مرحلة كانت القيادة الفلسطينية تبحث عن خشبة خلاص، أي خشبة خلاص، بعد اشتداد الهجمة الأميركية عليها. كان مطلوبا، وقتذاك، القضاء على ياسر عرفات وعلى المشروع الوطني الفلسطيني، فكان الاتفاق الذي ما كان ليوجد، أصلا، لولا توقيع الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني.

شئنا أم أبينا، استطاع “أبو عمّار” إبقاء قضية فلسطين حيّة ترزق. دافع عن القرار الفلسطيني المستقل. هذا القرار الفلسطيني المستقل هو الذي أوصل الفلسطينيين إلى ما وصلوا إليه، أي إلى وجود سلطة وطنية ما، على جزء، ولو صغير، من أرض فلسطين. السؤال الآن لم يعد هل تقوم دولة فلسطينية يوما؟ السؤال ما حدود الدولة الفلسطينية التي ستبصر النور عاجلا أم آجلا؟

في النهاية، نقل ياسر عرفات المواجهة مع إسرائيل إلى أرض فلسطين. هذا ما يغيب عن بال كثيرين. انتقل ياسر عرفات بفضل أوسلو، الذي يشتمه كثيرون، إلى أرض فلسطين وخاض منها المواجهة بعدما أكّد أن فلسطين صارت على الخريطة السياسية للشرق الأوسط.

نعم، من الصعب الكتابة بموضوعية عن ياسر عرفات، خصوصا إذا كان من يريد الكتابة عنه لبنانيا. فلبنان، شئنا أم أبينا كان أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبها “أبو عمّار” الذي أراد في كلّ وقت أرضا يمارس عليها سلطته. لذلك، لم يستقم تفكير الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني إلّا عندما غادر لبنان، واقتنع بأنّه لن يكون قادرا على العودة إليه، لا لإقامة مطار، ولا لإقامة ميناء بحري، ولا قاعدة في أحد الجبال. كان إخراج ياسر عرفات من لبنان أكبر هدية لرجل أمضى حياته أسير المكان الذي يقيم فيه… خارج فلسطين.

أساء ياسر عرفات إلى لبنان. أساء إليه لأنّه ارتضى الدخول في حروب اللبنانيين وحروب الآخرين على أرض لبنان. قبل تغطية كلّ الارتكابات الفلسطينية التي تبدأ بالخطف على الهوية، وتنتهي بسرقة المصرف البريطاني الذي ما زالت إحدى المنظمات الفلسطينية تعتاش منه. هناك منظمة فلسطينية تعطي شهادات في الوطنية، ما زالت موجودة، إلى اليوم، من سرقة أموال ومجوهرات وتحف من كل نوع كانت مودعة في خزائن البنك البريطاني!!!

الأهمّ من ذلك كلّه أن ياسر عرفات خدم في كل وقت، من حيث لا يدري، حافظ الأسد الذي أراد منه تخريب لبنان كي يبرّر للأميركيين ضرورة إرسال قواته من أجل “وضع اليد على المسلحين الفلسطينيين التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية”.

لم يستعد عرفات وعيه إلا بعد الخروج من لبنان. كان هدفه الدائم الوصول إلى واشنطن من دون عبور البوابة الإسرائيلية. استطاع ذلك أخيرا. دخل البيت الأبيض، من أجل الدخول إلى فلسطين لاحقا، وذلك على الرغم من الخطأ الكبير الذي ارتكبه في العام 1990 عندما لم يدن الاحتلال العراقي للكويت.

بعد أوسلو والعلاقة مع واشنطن، لم يستطع ياسر عرفات فهم أمرين أساسيين. الأوّل ما هي أميركا، والآخر ما هي إسرائيل. لم يستوعب أن عليه الاستعجال في تحقيق تسوية ما، والبناء عليها عندما كان إسحاق رابين لا يزال في السلطة، أي رئيسا للوزراء في إسرائيل. لم يدرك أنّ التسوية، أي تسوية معقولة، كانت مرتبطة بوجود رابين وأنّه كان عليه منذ البداية عدم إضاعة الوقت. هذا ما فهمه الملك حسين، رحمه الله، فجعل رئيس وزرائه عبدالسلام المجالي يوقّع في وادي عربة اتفاق سلام يحفظ للأردن حقوقه في الأرض والمياه، وذلك قبل سنة من اغتيال إسحاق رابين.

هناك عرفات ما بعد أوسلو، وعرفات ما قبل أوسلو. هذا كلّ ما في الأمر. يدفع الفلسطينيون اليوم ثمن مرحلة ما بعد أوسلو، التي لم يستوعب خلالها ياسر عرفات أنّ عليه أن يكون أكثر وعيا لما هي أميركا ولما هي إسرائيل. لم يعرف أميركا ولم يعرف إسرائيل التي قبل الدخول في مفاوضات مباشرة وعلاقات يومية معها. اعتقد أن ما قبل أوسلو يصلح لما بعد أوسلو. لذلك، كان الفشل الكبير الذي حصل في السنة 2000 عندما انعقدت قمة كامب ديفيد التي ضمت الرئيس بيل كلينتون وعرفات وإيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك. لم يكن فشل القمة مسؤولية “أبو عمّار” وحده. كان الفشل إسرائيليا وأميركيا أيضا. لكنّ الدخول في لعبة التصعيد، التي استمرّت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، قضت على ياسر عرفات، من دون أن تقضي على المشروع الوطني الفلسطيني الذي جسّده.

في مرحلة ما بعد أوسلو، فقد ياسر عرفات قدرته على المناورة. لم يستوعب قبل أوسلو معنى طعن الكويت في الظهر. ولم يستوعب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 أن العالم تغيّر كلّيا.

كان هامش المناورة مع العرب واسعا، أكان ذلك في الأردن أو لبنان. ما همّ العرب إذا كان هناك انتقاص من سيادة الأردن؟ ما همّهم إذا أصبح لبنان الجبهة الوحيدة التي تستخدمها إسرائيل والنظام السوري لإيصال الرسائل إلى الآخرين، أو لتبادل الرسائل بينهما؟

تغيّرت طبيعة اللعبة بعد أوسلو، وبعدما صار ياسر عرفات في رام الله، وبعدما صار لديه مطار في غزّة، وبعدما زار الرئيس الأميركي بيل كلينتون القطاع لافتتاح المطار وإلقاء خطاب. لم تعد الدنيا كلّها تتسع لياسر عرفات الذي بات عليه مواجهة أعداء من نوع جديد همّهم الوحيد الانتهاء منه.

كان هؤلاء الأعداء، الذين استخفّ بهم، يستخدمون “حماس” وعملياتها الانتحارية للتخلص منه ومن كل ما يمثّله. ضاع “أبو عمّار” في متاهات ما بعد أوسلو واغتيال إسحاق رابين…

ما انتهى كان رجلا حاصره آرييل شارون نظرا إلى أنّه يعرف خطورته وخطورة ما كان يمثله على الصعيد الفلسطيني. ما لم ينته هو مشروع “أبو عمّار”. حلم الدولة الفلسطينية لم يعد حلما. لم يعد مطروحا سوى حدود الدولة الفلسطينية. ما الذي سيقبل به الفلسطينيون بعد رحيل “أبو عمّار”؟ ماذا بقي من القضية؟ هل يقبلون بشبه دولة في غياب القدرة على إقامة دولة؟ هل هم يدفعون ثمن أخطاء ياسر عرفات الذي لم يعرف أن ما كان يصلح قبل أوسلو لم يعد يصلح بعده؟

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

GMT 00:38 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز اليوم في الانتخابات الأميركية الفيل أم الحمار..؟

GMT 18:23 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نكات وأقوال أغلبها عن النساء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ياسر عرفات بعد عشر سنوات… ماذا بقي من القضية ياسر عرفات بعد عشر سنوات… ماذا بقي من القضية



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 22:01 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

مدرب الهلال جورجي جيسوس يكشف عيوب الكرة السعودية

GMT 07:38 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

لا تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر

GMT 07:20 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

العربي تُؤكّد أنّها في "حكايتي" بعيدٌة عن الشر

GMT 05:46 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

فيكتوريا بيكهام تُطلق قناة "اليوتيوب" الخاصّة بها

GMT 14:48 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

ابتكار "كرسي حمام" ذكي بدلا من المناديل

GMT 12:29 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

تعرف على رأي الدين في حُكم النوم على جنابة حتى الصباح

GMT 09:28 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

"نيسان" تطرح "Juke" الجديدة كليا بتصميم فريد

GMT 05:10 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

حبار صغير يفترس سمكة بخفة ومهارة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab