غورباتشوف بعد ربع قرن على سقوط جدار برلين

غورباتشوف بعد ربع قرن على سقوط جدار برلين

غورباتشوف بعد ربع قرن على سقوط جدار برلين

 الالأردن اليوم -

غورباتشوف بعد ربع قرن على سقوط جدار برلين

خيرالله خيرالله

لم يكن الإتحاد السوفياتي كائنا طبيعيا كي يكون قابلا للحياة. أول من أدرك ذلك غورباتشوف الذي حاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه طوال خمس سنوات قبل أن يعترف أن هناك نظاما انتهى.

قبل خمسة وعشرين عاما، سقط جدار برلين. مع سقوط الجدار تغيّر العالم. انتهت الحرب الباردة وبدأ العد التنازلي لانهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان قوة عظمى في مواجهة الولايات المتحدة والغرب. أُعلن رسميا عن الانهيار مطلع السنة 1992، عندما تبيّن أن النظام الشيوعي الذي يدار من المركز، أي من موسكو، لم يعد قابلا للحياة.

لم يكن الاتحاد السوفياتي كائنا طبيعيا كي يكون قابلا للحياة. لعلّ أوّل من أدرك ذلك رجل ظلمه التاريخ اسمه ميخائيل غورباتشوف. حاول غورباتشوف إنقاذ ما يمكن إنقاذه طوال خمس سنوات قبل أن يعترف، من موقع الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي، أنّ هناك نظاما انتهى، وأنّ الآلة العسكرية التي كان الاتحاد السوفياتي يمتلكها ستقضي على الدولة. في الواقع كانت هناك آلة عسكرية ضخمة تقف على قاعدة هشّة هي الاقتصاد السوفياتي.

بين العام 1985، تاريخ وصوله إلى موقع الأمين العام للحزب وحتى يوم التاسع من نوفمبر 1989، يوم سقوط جدار برلين، عمل غورباتشوف المستحيل من أجل الحؤول دون انهيار القوة العظمى الثانية في العالم. جرب الإصلاحات، معتمدا على ما سمّي وقتذاك “بريسترويكا” و”غلاسنوست”، قبل أن يكتشف أنّ الأمل مفقود، وأن بلدا من دون اقتصاد قوي ومتين لا يستطيع أن يكون قوة عظمى.

الآن، يقف غورباتشوف، الذي صار في الثالثة والثمانين من العمر، في برلين ليبدي تخوفه من عودة الحرب الباردة. يقول الرجل الذي أشرف من داخل الكرملين على تصفية الاتحاد السوفياتي: “العالم على عتبة حرب باردة جديدة، وثمة من يقول أنّ هذه الحرب بدأت فعلا”.

هل بدأت الحرب الباردة مجددا بعدما تصرّف الغرب، على رأسه الولايات المتحدة، على طريقة المنتصر الذي لم يعد يبالي بالحوار مع الآخرين؟ هذا، على الأقلّ، ما لاحظه غورباتشوف الذي اعتبر، من برلين، أن الغرب “كان ضحية انتصاره بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. لهذا السبب، لم تستطع القوى الكبرى التعاطي مع نزاعات يوغوسلافيا والشرق الأوسط وأوكرانيا”.

من الواضح أن آخر زعيم للاتحاد السوفياتي يشير إلى أن الغرب تخلّى، في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، عن مسؤولياته.

ترك يوغوسلافيا تتفكّك، وترك اسرائيل تتصرّف كقوة احتلال بصفة كونها القوة العظمى في الشرق الأوسط، كما فشل في إقامة حوار مع روسيا في شأن أوكرانيا.

ليس ضروريا أن يكون غورباتشوف على حقّ، ذلك أن همّه يبدو محصورا في كيفية استعادة روسيا بعض أمجاد الاتحاد السوفياتي. بكلام أوضح، يريد غورباتشوف أن يقال عنه، في كتب التاريخ، إنّه بقي مواطنا روسيا يؤمن بعظمة بلاده، وليس الرجل الذي قاد إلى انهيار الاتحاد السوفياتي.

يفكّر غورباتشوف، حاليا، بما سيُكتب عنه بعد رحيله. ولذلك يحضّ الغرب على “رفع العقوبات” التي فرضت على عدد من كبار المسؤولين الروس في ضوء سيطرة موسكو بالقوة على شبه جزيرة القرم، وتدخّلها المكشوف في أوكرانيا.

من حقّ كلّ سياسي التفكير بإرثه. ولكن، مهما فعل ميخائيل غورباتشوف، وهو رجل عظيم، بكلّ معنى الكلمة، سيظل اسمه مرتبطا بسقوط “امبراطورية الشرّ” على حدّ تعبير رونالد ريغان، واستعادة شعوب أوروبا الشرقية حرّيتها بعدما ظُلمت طويلا.

أمّا مشكلة ما يشهده العالم حاليا من صراعات ونزاعات، خصوصا في الشرق الأوسط، فهي عائدة إلى أن روسيا، لم تتعلّم شيئا من تجربة الاتحاد السوفياتي. الدليل على ذلك أنّها تستغلّ الضياع الأميركي وضعف إدارة باراك أوباما من أجل دعم نظام مثل النظام السوري أخذ على عاتقه الخلاص من شعبه ومن سوريا نفسها. تراهن موسكو على عودة الحرب الباردة من البوابة السورية، ومن خلال الحلف غير المعلن مع إيران، وذلك كي تثبت أنّها ما زالت قوة عظمى.

هناك ميخائيل غورباتشوف الذي يستحقّ لقب رجل القرن العشرين. فهم هذا الرجل العالم جيّدا في ثمانينات القرن الماضي. فهم، خصوصا، ماذا يعني خوض حروب في أفغانستان بالنسبة إلى بلد يمتلك اقتصادا ضعيفا مثل الإتحاد السوفياتي. فهم أن جدار برلين كان جدار العار، وأن ألمانيا لا يمكن أن تبقى مقسّمة. لذلك، كانت قُبلته الأخيرة للزعيم الألماني أريش هونيكر في برلين أشبه بقُبلة الموت أكثر من أيّ شيء آخر.

فهم غورباتشوف، في الثمانينات، أن بولندا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا ورومانيا وبلغاريا لا يمكن أن تظلّ مستعمرات سوفياتية.

ولكن، هناك الآن ميخائيل غورباتشوف الذي يريد من المواطن الروسي أن ينسى ماضيه السوفياتي. إنها عقدة الروسي العادي، كما عقدة المقيم في الكرملين الذي اسمه فلاديمير بوتين. تقوم هذه العقدة على رفض الاعتراف بأنّ الاقتصاد الروسي المرتكز على السعر المرتفع للنفط لا يبني قوة عظمى، ولا يسمح بتجدد الحرب الباردة. الحرب الباردة جزء من الماضي. هناك حروب من نوع جديد لا تبدو روسيا قادرة على استيعاب مدى خطورتها. على رأس هذه الحروب النزاعات ذات الطابع المذهبي في الشرق الأوسط التي تستثمر فيها إيران، وتغذيها روسيا بالسلاح وبالفيتو الذي تمتلكه في مجلس الأمن.

كان غورباتشوف في الثمانينات وتسعينات القرن الماضي رجلا لمّاحا على علم تام بما يدور في العالم، وبأنّ للتاريخ منطقه، وأنّ هذا المنطق لا يمكن إلّا أن يقود إلى انهيار الاتحاد السوفياتي.

هذا قانون الطبيعة الذي فرض انهيار النظام السوري الذي كان، إلى جانب كوريا الشمالية، آخر نظام ستاليني في العالم في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

لن تعود الحرب الباردة. ستكون في العالم حروب كثيرة بعضها ساخن وبعضها بارد. الأكيد أن روسيا لن تعود قوّة عظمى، كما عاد يحلم غورباتشوف بعدما صار في الثالثة والثمانين من العمر.

إذا كان من درس بعد ربع قرن على انهيار جدار برلين، فإنّ هذا الدرس يتلخّص في أنّ الاقتصاد أهمّ من السياسة. ارتكب بوش الابن كل الأخطاء التي يمكن ارتكابها، خصوصا في أفغانستان والعراق. وجاء باراك أوباما ليزيد من حجم الأخطاء الأميركية.

لكنّ أميركا بقيت أميركا، لا لشيء سوى بسبب اقتصادها الذي يتطور يوميا، في حين لا تزال دولتان مثل روسيا وإيران في أسر النفط والغاز وعائداتهما.

يستطيع البلدان ممارسة لعبة الابتزاز، تستطيع إيران الادعاء أن بيروت مستعمرة إيرانية على البحر المتوسط، وأنها باتت تسيطر على جزء من اليمن عبر “أنصار الله”. وتستطيع روسيا القول بالأفعال وليس بمجرد الكلام أنّها استعادت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وأنّها ستقسّم هذا البلد. ولكن لا أمل لأي من البلدين في أن يصبح قوة عظمى يوما لأسباب اقتصادية أوّلا، وربّما أخيرا.

انهار جدار برلين.. انهار الاتحاد السوفياتي. انهار حلف وارصو. انهارت منظومة عالمية. انهارت الإمبراطورية التي كان لديها موطئ قدم في اليمن الجنوبي، وفي القرن الأفريقي. هل هذا ما يريد ميخائيل غورباتشوف أن ينساه عبر تحذيره من عودة الحرب الباردة؟

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

GMT 00:38 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز اليوم في الانتخابات الأميركية الفيل أم الحمار..؟

GMT 18:23 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نكات وأقوال أغلبها عن النساء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غورباتشوف بعد ربع قرن على سقوط جدار برلين غورباتشوف بعد ربع قرن على سقوط جدار برلين



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 22:01 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

مدرب الهلال جورجي جيسوس يكشف عيوب الكرة السعودية

GMT 07:38 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

لا تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر

GMT 07:20 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

العربي تُؤكّد أنّها في "حكايتي" بعيدٌة عن الشر

GMT 05:46 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

فيكتوريا بيكهام تُطلق قناة "اليوتيوب" الخاصّة بها

GMT 14:48 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

ابتكار "كرسي حمام" ذكي بدلا من المناديل

GMT 12:29 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

تعرف على رأي الدين في حُكم النوم على جنابة حتى الصباح

GMT 09:28 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

"نيسان" تطرح "Juke" الجديدة كليا بتصميم فريد

GMT 05:10 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

حبار صغير يفترس سمكة بخفة ومهارة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab