مسألة أكبر من طائرة وصاروخ

مسألة أكبر من طائرة وصاروخ

مسألة أكبر من طائرة وصاروخ

 الالأردن اليوم -

مسألة أكبر من طائرة وصاروخ

بقلم : خير الله خير الله

يندرج إسقاط طائرة إسرائيلية بصاروخ أرض ـ جو أطلق من الأراضي السورية في سياق مواجهات مستمرّة منذ سنوات عدة لا يمكن إلا أن تنتهي بحرب واسعة في يوم ما، قد يكون قريبا. عنوان هذه المواجهة التي يحتمل أن تقود إلى حرب هو الوجود العسكري الإيراني في سوريا. هل يمكن لإيران أن تبقى في الجنوب السوري، عبر الحرس الثوري أو ميليشياتها المذهبية في المدى البعيد؟ هذا هو العنوان العريض للحرب المقبلة التي يعتبر إسقاط الطائرة الإسرائيلية فصلا من فصولها الطويلة والمثيرة.

لا شكّ أن إسقاط الطائرة الإسرائيلية من نوع أف- 16، يعتبر نقطة تحوّل. يعود ذلك إلى أنّها المرّة الأولى منذ سنوات طويلة التي تسقط فيها طائرة حربية عسكرية في مستوى طائرة أف- 16. كانت المرّة الأخيرة التي سقطت فيها أو أُسقطت، طائرة إسرائيلية في العام 1986 فوق لبنان. كانت الطائرة من نوع فانتوم ولا يزال الطيار الذي كان فيها ويدعى رون أراد مفقودا إلى اليوم.

الجديد الآن هو الصاروخ الذي أسقط الطائرة التي كانت تغير على مواقع إيرانية وأخرى تابعة للنظام في الداخل السوري. هذا يعني بكلّ بساطة أن المواجهة بين إيران وإسرائيل دخلت مرحلة جديدة وأن الجانب الروسي لم يعد قادرا على التزام التفاهم القائم بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في شأن الجنوب السوري الذي يفترض أن يكون خاليا من الوجود الإيراني المباشر وغير المباشر.

بكلام أوضح، لا تستطيع روسيا أو ربّما لا تريد، لأسباب مستجدّة، التزام التفاهمات مع إسرائيل مع ما تقتضيه من سماح لها بأن تضرب ساعة تشاء والأهداف التي تشاء والتي تعتبر أنّها تشكل خطرا عليها في الأراضي السورية. مثل هذا الصاروخ المتطور الذي لاحق الطائرة الإسرائيلية روسي الصنع، وهو جزء من شبكة دفاعية في سوريا. هل يعني إطلاقه أن روسيا لم تعد قادرة على ضبط إيران؟

في الواقع، هناك أسئلة كثيرة لا أجوبة عنها بعد. لكنّ الثابت أنّ اللعبة تغيّرت في سوريا وأن التفاهمات التي كان معمولا بها في الماضي لم تعد موجودة، خصوصا مع دخول تركيا على الخط وبدء عملية عفرين بالتفاهم مع الروس وذلك كي تحجز مقعدا لها في المرحلة المقبلة، مرحلة تقرير مصير سوريا وتقاسم مناطق نفوذ فيها.

الثابت أيضا أنّ الأميركيين قرروا بدورهم أن تكون معظم ثروات سوريا تحت سيطرتهم. لذلك اختاروا ضرب أي قوة تابعة للنظام أو لإيران لدى اقترابها من شرق الفرات. هذا ما حدث أخيرا عندما قتل الأميركيون نحو مئة مقاتل تقدموا من حقل للغاز في محافظة دير الزور.

إلى ما قبل فترة قصيرة، كانت هناك خطوط عريضة لتفاهم أميركي – روسي. يقضي هذا التفاهم بالتنسيق المسبق بين الجانبين من أجل تفادي أي صدام بينهما، خصوصا في الجوّ. ولكن يبدو أن الروس وجدوا أنفسهم أخيرا في وضع لا يحسدون عليه، خصوصا بعد الهجمات التي تعرّضت لها قاعدة حميميم أواخر العام الماضي وبعدما اكتشفوا أن إيران التي استعانت بهم من أجل إنقاذ بشّار الأسد في خريف العام 2015 تمتلك أجندة سورية خاصة بها تقوم على وضع اليد على جزء من أراضي البلد، خصوصا في المناطق الجنوبية.

سيفرض الصاروخ الذي أسقط الطائرة الإسرائيلية على جميع المعنيين إعادة النظر في مواقفهم. لكن السؤال الذي سيفرض نفسه هو الآتي: هل يمكن القبول بالوجود الإيراني في سوريا؟

تعترف أميركا بوجود مصالح روسية في سوريا، خصوصا في منطقة الساحل. وتعترف بوجود مصالح تركية وإن في حدود معيّنة. هناك مشكلة ذات طابع كردي بين أنقرة وواشنطن. سيكون هناك نقاش في شأن المصالح التركية في سوريا، خصوصا في الشمال، بين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون وكبار المسؤولين الأتراك بعد أيّام قليلة عندما يزور تيلرسون أنقرة.

معروف ما الذي تريده إسرائيل التي ضمّت الجولان نهائيا. ليس سرّا أن العلاقات بينها وبين روسيا من النوع العميق جدّا. ما تريده إسرائيل هو الانتهاء من سوريا ككيان موحّد من جهة ومنع إيران من استخدام الجنوب السوري لتهديدها بأسلحة وصواريخ معيّنة من جهة أخرى. الأكيد أن الموقف الإسرائيلي ليس بعيدا لا عن التفكير الأميركي ولا عن التفكير الروسي، ولا حتّى عن التفكير التركي.

من هذا المنطلق، يبدو الاستثمار الإيراني في نظام بشّار الأسد في غير محلّه. لن يكون هناك قبول إقليمي أو دولي بوجود إيران في سوريا، حتّى لو كانت حجة طهران أنّ سوريا جسر إلى لبنان الذي باتت تعتبره محافظة من محافظاتها في ظل الهيمنة التي يمارسها حزب الله على البلد.

أوروبا نفسها، التي تميل إلى مسايرة إيران من زاوية المحافظة على الاتفاق في شأن ملفّها النووي، لا يمكن أن تقبل دولها باستمرار الوجود الإيراني في جزء من الأراضي السورية وسعي الميليشيات التابعة لـ”الحرس الثوري” إلى التمدّد في اتجاه إدلب والشمال السوري ومناطق أخرى.

يبقى موضوع في غاية الأهمّية هو ما الذي سيفعله حزب الله في حال استمر التصعيد بين إسرائيل وإيران في سوريا. هل يفتح جبهة جنوب لبنان ويدخل البلد في مغامرة لن تؤدي سوى إلى مزيد من الخسائر والدمار تلحق بالوطن الصغير الذي يعيش في ظلّ استقرار هشّ؟

طوى الصاروخ الذي أسقط الطائرة الإسرائيلية مرحلة من مراحل الأزمة السورية المستمرّة منذ آذار – مارس 2011، وهي في الواقع تتويج لأزمة نظام أقلّوي هرب دائما من مشاكله الداخلية إلى خارج، منذ انقلاب البعث في الثامن من آذار – مارس 1963. لكنّ ما لا يمكن تجاهله أن ما سبق إسقاط الطائرة الإسرائيلية إطلاق إيران طائرة من دون طيّار من مطار سوري في اتجاه إسرائيل مع ما يعنيه ذلك من رغبة في ممارسة لعبة التصعيد مع طرف يهوى هذه اللعبة.

ليس مستبعدا أن تكون إيران تريد أيضا حربا في المنطقة لتقول للعالم إنّ ثمن خروجها من سوريا سيكون غاليا، بل غاليا جدّا وإنّ إسرائيل غير قادرة على دفع هذا الثمن، لا هي ولا غيرها، بما في ذلك روسيا. يظلّ في النهاية، هل في وارد إسرائيل خوض معارك برّية في سوريا مع ما يعنيه ذلك من خسائر بشرية؟

هناك بكل بساطة رهان إيراني على أنّ إسرائيل عاجزة عن خوض مثل هذه المغامرة التي ستكلّفها مقتل المئات من جنودها وسترضخ، هي وغيرها، في نهاية المطاف لواقع يتمثّل في أن إيران وجدت في سوريا لتبقى فيها وأن مليارات الدولارات التي صرفتها لحماية نظام بشّار الأسد كانت أموالا صرفت في المكان المناسب لغرض واضح يصبّ في حماية النظام في طهران قبل أيّ شيء آخر.

إنّها مسألة أكبر بكثير من صاروخ روسي أطلقه الإيرانيون أو النظام السوري وأسقط طائرة إسرائيلية. هل تخرج إيران من سوريا أم لا، مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات على الداخل الإيراني وطرح لمصير النظام؟

المصدر : جريدة العرب

 

jordantodayonline

GMT 06:50 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

التطبيع (الوطني) والتطبيع (الكخّة)

GMT 06:44 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الاستثمار في الفراغ... مغامرات إردوغان في المنطقة

GMT 06:53 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"نقطة التحوّل" التي فاتت بشّار

GMT 05:28 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

في وداع «الإطفائي الأخير»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسألة أكبر من طائرة وصاروخ مسألة أكبر من طائرة وصاروخ



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 04:42 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

النادي "الإسماعيلي" يتعاقد مع لاعب نجوم المستقبل رسميًا

GMT 04:34 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

مصر من الثقافة المدنية إلى الحكم المدنى

GMT 16:22 2014 السبت ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم لوكس يقدم لزبائنه فطيرة جديدة بالأعشاب والبربر

GMT 05:47 2015 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

لوحات عالمية مزيفة وغياب النقد يهددان الفن التشكيلي

GMT 04:52 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ابتسامة شماتة من ابنة كلينتون على فضيحة دونالد ترامب

GMT 02:36 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

طفلة روسية وُلدت بعيب خلقي تحمل قلبها خارج صدرها

GMT 16:34 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

"بتاعة الفن" تقيّم فيلم "الفيل الأزرق 2"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab