حلف روسي ـ إيراني لا أفق له

حلف روسي ـ إيراني لا أفق له

حلف روسي ـ إيراني لا أفق له

 الالأردن اليوم -

حلف روسي ـ إيراني لا أفق له

بقلم :خير الله خير الله

منذ صيف العام 2013، عندما استخدم بشّار الأسد السلاح الكيميائي بشكل سافر في حربه على شعبه، وربّما منذ اليوم الأوّل لاندلاع الثورة الشعبية في سوريا، تعطي إدارة باراك أوباما كلّ الإشارات الخطأ في كلّ الاتجاهات. كانت الإشارة الأخيرة في هذا المجال الاكتفاء بـ”الأسف” لقصف الطائرات الروسية الأراضي السورية انطلاقا من قاعدة همدان الإيرانية.

لم يعد لدى الإدارة الأميركية الحالية سوى لغة الاعتراض والأسف والحديث عن خرق روسي لقرارات مجلس الأمن مثل القرار 2231، فيما روسيا وإيران مندفعتان في اتجاه تدمير كلّ ما تقع عليه يدهما في سوريا.

تدمّران المجتمع ومدنا عريقة، مثل حلب، وأريافا بهدف القضاء نهائيا على البلد في غياب القدرة على القضاء على إرادة الشعب السوري. هذا الشعب الذي لا يزال يقاوم منذ خمس سنوات ونصف سنة كلّ تلك القوى التي تكالبت عليه مستخدمة أعتى أنواع الأسلحة وصولا إلى الميليشيات المذهبية التي شكلت وما زالت تشكل القوة المساعدة والداعمة لأرهاب “داعش” وأخواته وإخوانه.

سيغادر باراك أوباما البيت الأبيض والشرق الأوسط في وضع أسوأ من ذلك الذي كان سائدا لدى دخوله إليه. هذه نتيجة طبيعية لسياسة تقوم على الانكفاء من جهة، والاكتفاء بالتركيز على الملف النووي الإيراني من جهة أخرى. أدت هذه السياسة إلى نهاية العراق. هذا أمر صار مفروغا منه في ضوء وضع إيران يدها على البلد وسيطرة الميليشيات المذهبية الموالية لها المسمّاة “الحشد الشعبي” على مفاتيح السلطة، بما في ذلك الجيش العراقي. جاء الآن دور الانتهاء من سوريا التي تشهد مأساة لم يشهد بلد شبيها لها في القرن الواحد والعشرين.

من الطبيعي أن تستغل كل من روسيا وإيران قرب نهاية عهد أوباما لمحاولة خلق واقع جديد على الأرض، خصوصا في سوريا. هناك قبل كلّ شيء إعلان عن حلف عسكري جديد يستفيد من العلاقة السيئة بين تركيا والولايات المتحدة. وهناك تركيز روسي ـ إيراني على حلب. يظهر ذلك من خلال نوع القصف الروسي لحلب والمناطق المحيطة بها. هذا القصف يمهّد إمّا لتدمير المدينة نهائيا وتهجير سكانها، وامّا لعملية عسكرية برّية كبيرة.

في كلّ الأحوال، يبدو واضحا أن إدارة أوباما فرصة لن تتكرّر لا لـ”المرشد” الإيراني علي خامنئي، ولا للقيصر الروسي فلاديمير بوتين. هناك إدارة في واشنطن تكتفي بالكلام، وعندما يأتي دور الأفعال، تختلق لنفسها كلّ أنواع الأعذار للعودة عن التهديدات والتحذيرات التي أطلقتها في شأن سوريا، بما في ذلك مسألة بقاء بشّار الأسد في موقعه. كم مرّة قال باراك أوباما أن “لا مكان” لبشار الأسد في سوريا؟ بقي كلامه مجرّد كلام. صار النظام السوري في مزبلة التاريخ. هذا صحيح، لكنّه لا يزال يُستخدم في عملية لا هدف لها سوى القضاء على سوريا، وما بقي منها.

يمكن، من الآن فصاعدا، الكلام عن حلف روسي – إيراني في المنطقة، فيما تشكو تركيا، التي كانت في مرحلة معيّنة رأس حربة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، من سلسلة الخيبات التي تعرّضت لها، خصوصا منذ إسقاطها القاذفة الروسية في تشرين الثاني – نوفمبر من العام الماضي. هناك شعور تركي واضح بالخيبة من طبيعة العلاقة بحلف الأطلسي الذي خذل أنقرة على كلّ المستويات. هل انتهى حلف شمال الأطلسي مع انتهاء الحرب الباردة؟

يكشف الحلف الجديد بين روسيا وإيران أن موسكو صارت صاحبة اليد العليا في سوريا. هناك اعتراف من طهران بالعجز عن متابعة مشاركتها في الحرب على الشعب السوري من دون روسيا. للمرّة الأولى منذ الإعلان عن قيام “الجمهورية الإسلامية” في العام 1979، هناك قوات أجنبية تعمل انطلاقا من قواعد في الأراضي الإيرانية. إنّه تطور مهمّ على الصعيد الإقليمي يعطي فكرة عن مدى التراجع الأميركي على كلّ صعيد، ولكن من دون أن يعني ذلك أنّ روسيا وإيران في وضع مريح في سوريا.

يظل السؤال في نهاية الأمر هل من أفق لهذا الحلف الروسي – الإيراني في الوقت الذي ليس أمام روسيا سوى التنسيق مع إسرائيل في سوريا في شأن كلّ شاردة وواردة؟ اللافت للانتباه أنه بات على إيران التنسيق الكامل مع الطرف الذي ينسق مع إسرائيل بعدما فتحت أراضيها لروسيا وطائراتها! ما كان سرّا صار حقيقة وواقعا لا أكثر!

هناك، بكلّ بساطة، فراغ ناجم عن الغياب الأميركي في الشرق الأوسط. تدخلت أميركا في الماضي، وكانت لتدخلها نتائج كارثية. يحصد العراقيون اليوم نتائج هذا التدخل الذي استهدف نظام صدّام حسين. الأخطر من ذلك، أن المنطقة كلّها تحصد نتائج تسليم العراق على صحن من فضّة إلى إيران، وما استتبع ذلك من خلل كبير على صعيد التوازن الإقليمي.

عاجلا أم آجلا سيتبيّن أن لا أفق للحلف الروسي ـ الإيراني. في استطاعة هذا الحلف التدمير في كلّ مكان وفي كلّ مجال، خصوصا في سوريا حيث لا همّ للنظام سوى القضاء على كلّ أثر للبلد. ليست لدى هذا الحلف أيّ حلول لأيّ مشكلة، لا في سوريا ولا في العراق… ولا في لبنان. ستستخدم إيران روسيا للقول أنّها ما زالت لاعبا في سوريا. وستستخدم روسيا إيران نظرا إلى أنها قادرة على زجّ مقاتلين لبنانيين وعراقيين وأفغان في سوريا من منطلق مذهبي ليس إلّا. ليست لدى روسيا قوات برّية ترسلها إلى سوريا، فضلا عن أنها تعرف أن قدرة النظام السوري على تجنيد المزيد من “الشبيحة” باتت محدودة إلى حدّ كبير، فيما الجيش السوري يعاني من نقص كبير في الرجال.

سيسعى الحلف الجديد إلى تحقيق ما عجزت إيران عن تحقيقه منذ اليوم الأوّل لاندلاع الثورة السورية. سيفشل في ذلك على الرغم من أن التنسيق الروسي – الإسرائيلي في مرحلة متقدمة وعلى الرغم من أن إدارة أوباما ليست في وارد القيام بأي خطوة لمصلحة الشعب السوري. سيظل همّها محصورا في حماية الاتفاق النووي مع إيران… الذي يختزل كلّ ملفات الشرق الأوسط.

تدخلت أميركا في عهد بوش الابن، فحصلت كارثة. قرّر باراك أوباما أن لا يتدخل، فحصلت كارثة أكبر. لم تعد المسألة هل تتدخل أميركا أم لا تتدخل. المسألة هل لا يزال في واشنطن أشخاص يعرفون شيئا عن الشرق الأوسط وعن النتائج التي ستترتب على التدخل وتلك التي ستنجم عن عدم التدخل؟ في حالي التدخل وعدم التدخل، تغيّرت المنطقة كلّيا. لن ينقذ الشرق الأوسط حلف جديد ينتمي طرفاه إلى دول العالم الثالث، بغض النظر عن وجود مشروع توسّعي إيراني واضح المعالم، وامتلاك روسيا لأسلحة متطورة.

ليس كافيا وجود المشروع التوسعي ولا الأسلحة المتطورة لتغيير الشرق الأوسط نحو الأفضل بأي شكل من الإشكال، في ظلّ البناء على الانكفاء الأميركي.لو كانت إيران قادرة على تطوير نفسها لكانت خفضت نسبة السكان الذين هم تحت خط الفقر فيها. لو كانت روسيا قوة عظمى بالفعل لكانت خرجت من اعتماد اقتصادها على النفط والغاز وحدهما. ليس هكذا تبنى الأحلاف، وليس هكذا تعمّر الدول… لا في ظل التدخل الأميركي ولا في ظلّ غيابه.

 

jordantodayonline

GMT 06:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تقارب طبيعي في منطقة غير طبيعية

GMT 06:24 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اربع سنوات من "عهد حزب الله" في لبنان

GMT 06:37 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب وبايدن... وقواعد اللعبة مع ايران

GMT 06:49 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السودان يدفع ثمن ضريبة فرضها الاخوان

GMT 05:36 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الخيار الذي حصرت ايران فيه نفسها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلف روسي ـ إيراني لا أفق له حلف روسي ـ إيراني لا أفق له



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:10 2015 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

مستشفى إبراهيم عبيد الله تفحص 3952 مريضَا بالقلب

GMT 22:07 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

عصير البصل يحسن الدورة الدموية ويخلص من الصلع

GMT 16:34 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

"الكاف" يعاقب الصفاقسى التونسى

GMT 06:23 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

نوال الزغبي تتألق بفستان فضي في أحدث حفلاتها

GMT 18:32 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

المدافع سيرجيو راموس يعود لمنتخب إسبانيا

GMT 12:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مباحث ودراسات في التاريخ والخطط" كتاب من تراث مصطفى جواد"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab