أبعد من إزاحة ضابط عراقي…

أبعد من إزاحة ضابط عراقي…

أبعد من إزاحة ضابط عراقي…

 الالأردن اليوم -

أبعد من إزاحة ضابط عراقي…

خير الله خير الله

الوضع غير طبيعي في العراق. هناك ما يشبه ثورة شعبية واسعة. من إزاحة الفريق عبدالوهاب الساعدي قائد عمليات جهاز مكافحة الإرهاب ووضعه بإمرة وزارة الدفاع… إلى التظاهرات والاضطرابات التي شهدتها بغداد ومدن أخرى وسقط فيها قتلى وجرحى، هناك ما يشير إلى أن الوضع القائم حاليا لا يمكن أن يستمرّ إلى ما لا نهاية. يبدو أن النظام السياسي الذي قام بعد سقوط نظام صدّام حسين لم يستطع إيجاد مقومات الحياة. هناك بلد اسمه العراق في بحث عن نظام جديد، أو على الأصحّ، عن صيغة جديدة بعد واحد وستين عاما على سقوط النظام الملكي في الرابع عشر من تمّوز – يوليو 1958.

منذ اليوم الذي سقط فيه النظام الملكي والمجزرة التي تعرّضت لها العائلة الهاشمية على يد ضبّاط من الرعاع لا يعرفون شيئا عن العالم المتحضّر، يبحث العراق عن خشبة خلاص. تبيّن، بكل بساطة، أن النظام الذي أقامه الأميركيون في 2003 لا يقل سوءا، بل هو أسوأ من نظام صدّام حسين الذي كان فيه جيش وطني. صحيح أن من كان يتحكّم بهذا الجيش فعلا مجموعة صغيرة تنتمي إلى فئة معيّنة، قسم لا بأس به منها من أهل تكريت، لكنّ الصحيح أيضا أنّ العراق لم يكن تحت حكم ميليشيات مذهبية تتحكّم بها إيران.

يدفع العراق إلى الآن ثمن الخطأ الذي ارتكبته إدارة جورج بوش الابن التي أقدمت على مغامرة مجنونة، لا تشبه سوى مغامرة صدّام حسين في الكويت صيف العام 1990. اجتاح صدّام الكويت من دون أخذ في الاعتبار لما سيفعله في اليوم التالي. كان يجهل كلّ شيء عن الكويت، بما في ذلك أنّه لن يجد مواطنا كويتيا واحدا على استعداد لأن يكون متعاونا مع الاحتلال أو واجهة له.

بالنسبة إلى العراق، لم يكتشف الأميركيون أن الميليشيات التابعة لإيران التي أدخلوها إلى بغداد والبصرة على دباباتهم لا تستطيع بناء نظام ديمقراطي يكون نموذجا للدول الأخرى في المنطقة. كلّ ما تستطيع هذه الميليشيات عمله هو تحويل العراق إلى تابع لإيران لا أكثر.

هناك في الوقت الحاضر رغبة إيرانية في التأكيد للولايات المتحدة أن العراق ليس سوى ورقة من أوراق “الجمهورية الإسلامية”، وأنّ استمرار العقوبات الأميركية سيدفع إيران إلى الردّ. إلى الآن، اكتفت إيران بعمليات صغيرة في العراق. كان أهمّ ما قامت به إطلاق صواريخ في اتجاه منشآت لشركة “أرامكو” السعودية. أدّى ذلك إلى تعطيل قسم كبير من الصادرات النفطية السعودية لبضعة أيّام. لكنّ الملفت أن المملكة استطاعت إصلاح الأضرار سريعا، كما أن سعر برميل النفط لم يتأثر كثيرا. وهذه ضربة كبرى للسياسة الإيرانية التي راهنت على أن الاعتداءات على الناقلات في مياه الخليج وعلى المنشآت السعودية، تحديدا، سيكون لها تأثير كبير على سعر برميل النفط.

جاء الآن دور إظهار إيران لمدى قوّة نفوذها في العراق وعمقه. من المهمّ بالنسبة إليها إظهار النظام في العراق بأنّه نسخة طبق الأصل عن النظام الإيراني حيث “الحرس الثوري” هو كلّ شيء. ليست إزاحة الفريق الساعدي، الضابط المحترف الذي يمتلك احتراما حقيقيا في كلّ الأوساط العراقية، سوى دليل على وجود إصرار إيراني على إلحاق مؤسسة الجيش العراقي بـ”الحشد الشعبي”، النسخة العراقية لـ”الحرس الثوري” الإيراني. كانت ردة فعل الشارع العراقي طبيعية. لا تزال هناك روح وطنية لدى جميع العراقيين من كلّ الطوائف ترفض الهيمنة الإيرانية وتقاومها. وعبّر عن ذلك الزميل مصطفى فحص في مقال له في “الشرق الأوسط” بقوله: “شكّل الجنرال الساعدي في وعي العراقيين المقهورين والناقمين على انحلال الدولة فرصة خلاصهم وبديلا من طبقة سياسية طائفية وفاسدة”.

ما نشهده في العراق حاليا هو البحث عن بديل من سلطة مفلسة. تبحث هذه السلطة عن دور ما وهي لا تريد الاقتناع بأنّ إيران لا يمكن أن تقبل العراق إلّا كتابع لها. في النهاية، لا يستطيع رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي القيام بأي وساطة بين إيران ودول الخليج العربي، ولا يستطيع التوسّط بين إيران والولايات المتحدة. كلّ ما يستطيع عمله هو تنفيذ ما هو مطلوب منه إيرانيا، أي التخلّص من ضابط مثل عبدالوهاب الساعدي يرمز إلى إمكان أن يلعب الجيش العراقي دورا على الصعيد الوطني، بعيدا عن الحسابات الطائفية والمذهبية والمناطقية والحساسيات المرتبطة بالجانب القومي. يستطيع أيضا تنفيذ طلب إيران فتح معبر القائم على الحدود مع سوريا، وتحميل إسرائيل مسؤولية الضربات التي تستهدف “الحشد الشعبي”.

من يعود إلى تاريخ الجيش العراقي الذي تأسّس في العام 1921، يكتشف أنّ هذا الجيش، على رغم ارتكابه جريمة انقلاب العام 1958، بقي محافظا على حدّ أدنى من الاحتراف، حتّى في عهد صدّام حسين الذي اخترع لنفسه رتبة “مهيب” كما جعل من أقاربه مثل علي حسن المجيد أو حسين كامل ضباطا من ذوي الرتب العالية، علما أنّهم لا يستأهلون أن يكونوا أكثر من حرّاس لشخصيات سياسية، أو بوابين في مؤسسة رسمية.

كان القرار القاضي بحلّ الجيش العراقي، الذي اتخذه المفوّض السامي الأميركي بول بريمر في العام 2003، من بين الأسباب التي أدّت إلى الوضع الراهن في العراق. استفاق الأميركيون متأخرين على الجريمة التي ارتكبوها بحجة القضاء على أيّ أمل بقيام قيامة لنظام صدّام حسين. لم يدركوا، وقتذاك، أن كبار الضباط العراقيين لم يكن لديهم أي تقدير للرئيس العراقي الراحل الذي أخذهم إلى الحرب العراقية – الإيرانية بين 1980 و1988، ثمّ إلى اجتياح الكويت والحرب التي تلت تلك المغامرة.

ليست المسألة مسألة إزاحة ضابط محترف في الجيش العراقي قاتل بالفعل تنظيم “داعش” في الموصل بعيدا عن أي نوع من الطائفية والمذهبية. المسألة أن إيران تريد القول إن الأمر لها في العراق.

كشف خروج الفريق الساعدي من موقعه ضعف الحكومة العراقية، وهو ضعف ظهر بوضوح ليس بعده وضوح بعد وضع طهران فيتو على شخصيات عراقية معيّنة في مرحلة ما بعد انتخابات أيّار – مايو 2018. فرضت إيران عادل عبدالمهدي رئيسا للوزراء بصفة كونه مقبولا منها. هل يكون فشل الرجل في أن يكون صاحب قرار مستقلّ يحافظ على حدّ أدنى من التوازن الداخلي، خصوصا في ما يخصّ حماية الجيش، مؤشرا إلى أن النظام القائم منذ 2003 أفلس حقيقة، وأن لا بدّ من البحث عن صيغة جديدة للعراق، قد لا ترى النور إلّا على أنقاض العراق…

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من إزاحة ضابط عراقي… أبعد من إزاحة ضابط عراقي…



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 17:11 2018 السبت ,04 آب / أغسطس

الكاتب مايكل روزن في مهمة لإسعاد الصغار

GMT 11:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

وفدٌ من النادي الأهلي السعودي يزور هداف الدوري عمر السومة

GMT 04:55 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

فاسانو ريو أفضل بركة سباحة لمشاهدة شاطئ ايبانيما

GMT 09:01 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

درة تنجو من عقوبات الزوجة الثانية في حياة هاني سعد

GMT 08:29 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

7 من أفضل اتجاهات الموضة الرجالية في خريف 2019

GMT 10:47 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

24 منتخبًا يتنافسون على أقوى ضربة في مونديال كرة اليد

GMT 01:41 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

6 إشارات يُطلقها الجسم للإشارة إلى قصور القلب

GMT 18:51 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على سعر الدينار العراقي مقابل الريال السعودي الاتنين

GMT 18:34 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صحيفة "الخليج الجديدة" تزعم مقتل تركي الجاسر أثناء تعذيبة

GMT 11:45 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صفوت يبلغ ثمن نهائي بطولة" شينزن" للتنس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab