تجربة السودان فرصة للجزائر

تجربة السودان... فرصة للجزائر

تجربة السودان... فرصة للجزائر

 الالأردن اليوم -

تجربة السودان فرصة للجزائر

بقلم _خير الله خير الله

لا عيب في الاستفادة من تجربة السودان، التي تبقى دليلا على وجود مؤسسة عسكرية، تضمّ من دون شكّ ضباطا متهورين، لكنّها قادرة على التعاطي مع الاحداث بواقعية.

طغت احداث السودان على قضايا افريقية أخرى، بما في ذلك قضيّة الجزائر. جاء الاتفاق الموقّع بين العسكر وممثلي الحراك الشعبي السوداني تتويجا لرغبة مشتركة في قيام دولة مدنية تؤسس لسودان جديد. هناك فهم لدى الأحزاب والقوى السياسية، باستثناء تلك التي تعيش في الاوهام، لصعوبة عودة العسكر الى الثكنات بين ليلة وضحاها. وهناك لدى كبار الضباط السودانيين استيعاب لضرورة اخذ الشارع السوداني، الذي اظهر انّه لن يستكين من دون تحقيق القسم الأكبر من مطالبه، في الاعتبار.

بكلام اوضح، لم يعد في استطاعة كبار الضباط تجاهل الشارع، كما لم يعد الشارع يراهن على الاستغناء عن كبار الضباط الذين لعبوا دورا أساسيا في اخراج عمر حسن البشير من السلطة بعدما امضى ثلاثين عاما رئيسا ولعب كلّ الاوراق التي تمكنه من البقاء في هذا الموقع، بما في ذلك ورقة انفصال الجنوب عن الشمال.

ليس معروفا بعد هل يمكن للسودان ان يعود في يوم من الايّام بلدا يحلو العيش فيه، بلدا يحلو الاستثمار فيه، خصوصا في المجال الزراعي؟ ستتوقف أمور كثيرة على مدى التزام كبار الضباط الاتفاق الذي وقعوه مع ممثلي الحراك الشعبي والذي سميّ "وثيقة الإعلان الدستوري". المهمّ مستقبلا ان تتوقف شهية العسكر الى السلطة بسبب فشل المدنيين في إدارة شؤون الدولة. المهمّ ان لا يظهر فجأة إبراهيم عبود آخر او جعفر نميري آخر او عمر حسن البشير آخر فيسقط السودان مجددا في فخّ الانظمة التي يديرها ضابط لا همّ له سوى الاحتفاظ بالكرسي الرئاسي.

هناك إشارات سودانية تدعو الى التفاؤل، لكنّ هناك إشارات أخرى تدعو الى الحذر الشديد، خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار ان مجازر حصلت على يد ضباط متهورين في الايام التي تلت التخلص من عمر حسن البشير. كشفت تلك المجازر وجود عقلية ما زالت تتحكّم بعدد لا بأس به من كبار الضباط. في أساس هذه العقلية فلسفة القمع والتخلّص من الآخر لمجرّد ان لديه رأيا مختلفا.

لا شكّ ان الفضل في النجاح السوداني، الذي لا يزال نجاحا نسبيا، يعود الى الدور الذي لعبته قوى عربية فاعلة ترغب في تفادي التدهور في هذا البلد الذي يعتبر الاستقرار فيه جزءا لا يتجزّأ من الاستقرار في كلّ منطقة القرن الافريقي كما في مصر. ما لا يمكن تجاهله ان نهر النيل يظل شريان الحياة بالنسبة الى مصر والسودان وان التفاهم بين البلدين يبقى افضل ضمانة لمواجهة الاخطار المشتركة ان على صعيد النيل او على صعيد الامن في البحر الأحمر.

لا شكّ أيضا ان الفضل في النجاح السوداني يعود أيضا الى الدور الذي لعبه رئيس الوزراء الاثيوبي آبي احمد اذي اظهر انّه يمتلك فهما مختلفا للعلاقات بين دول المنطقة فضلا عن عقل استراتيجي يقوم على التنمية والاستثمار في كلّ ما من شأنه نقل دول القرن الافريقي الى وضع جديد بعيدا كلّ البعد عن حساسيات الماضي وعقده، وهي حساسيات وعقد تحكّمت طويلا بالعلاقات الاثيوبية – الاريترية، على سبيل المثال وادّت الى حروب عبثية بين الجانبين.

في استطاعة الجزائر الاستفادة بدورها من الحدث السوداني بدل الدوران المستمرّ في حلقة مقفلة. اظهر الشعب الجزائري في السنوات الأخيرة وعيا كبيرا. تفادى السقوط في فخّ "الربيع العربي" الذي أطاح زين العابدين بن علي وتكفّل بالتخلّص جسديا من معمّر القذافي. مارس الجزائريون ضبط النفس ولم يقدم الجيش على أي عمل طائش في مواجهة التظاهرات التي كانت تنطلق بين حين وآخر. عرف الجيش كيف يضبط تلك التظاهرات وتفادي سقوط قتلى. اكثر من ذلك، عمل الجيش على وضع حدّ للمهزلة التي كان اسمها الولاية الخامسة لعبدالعزيز بوتفليقة الذي لم يكن يستحقّ تلك النهاية المحزنة لولا جشع افراد الحلقة الضيّقة المحيطة به.

ما الذي ستفعله المؤسسة العسكرية الجزائرية في المرحلة المقبلة؟ هل تعتقد انّ في استطاعتها العودة الى عهد هواري بومدين الذي لم ينته الّا في العام 1999 عندما انتخب عبدالعزيز بوتفليقة، بدعم منها، رئيسا للجمهورية؟

سيتوقّف الكثير على ما اذا كان هناك وعي لدى الذين يتحكمون حاليا بالمؤسسة العسكرية للواقع الجزائري الجديد. صحيح ان الحراك الشعبي في الجزائر لم يستطع انتاج قيادات سياسية قادرة على الذهاب الى ابعد من الكلام عن شعارات عامة من نوع الدولة المدنية، لكنّ الصحيح أيضا ان ليس ما يشير الى انّ الحراك الشعبي في الجزائر سيتوقف. هذا الحراك مستمرّ منذ 24 أسبوعا. الناس لا تزال تنزل الى الشارع كلّ يوم جمعة وتتظاهر بشكل حضاري.

أي دروس ستستخلصها المؤسسة العسكرية من الاحداث التي بدأت برفض الشعب الجزائري استمرار مهزلة انتخاب بوتفليقة رئيسا على الرغم من انهّ فقد كلّ قدرة على النطق منذ العام 2013، أي منذ ما قبل انتخابه رئيسا لولاية رابعة؟

امام المؤسسة العسكرية الجزائرية فرصة لا تعوّض كي تنقل البلد الى مرحلة جديدة بعيدا عن الاوهام التي تحكّمت بها منذ العام 1965. في حال لا تستطيع الجزائر المصابة بعقدة المغرب الاستفادة من التقدّم الذي تشهده المملكة، خصوصا في السنوات العشرين الاخيرة، لماذا لا تستفيد من التجربة السودانية فيكون هناك انتقال تدريجي الى عهد جديد، عهد الدولة المدنية التي لا تسيّرها الاجهزة الأمنية، بل دستور عصري يحظى بدعم شعبي حقيقي.

تعني الفرصة المتاحة امام الجزائر الابتعاد كلّيا عن ممارسات الماضي التي تقوم على تصفية الحسابات مع دول الجوار والاعتقاد انّ الابتزاز يمكن ان يبني سياسة خارجية. يكفي ان تتذكر المؤسسة العسكرية ان اوّل ما فعله المتظاهرون الذين انتفضوا في تشرين الاوّل – أكتوبر 1988 على نظام هواري بومدين الذي كان يمثله وقتذاك الشاذلي بن جديد، هو تحطيم مكاتب "حركات التحرير" في شارع ديدوش مراد في العاصمة. لم تكن تلك الحركات، التي على رأسها "بوليساريو" سوى أدوات تابعة للأجهزة الجزائرية. كانت أدوات ابتزاز من مستوى رخيص ولا شيء آخر غير ذلك. المواطن الجزائري العادي يعرف ذلك قبل غيره

نعم، هناك فرصة امام الجزائر. لا عيب في الاستفادة من تجربة السودان، التي قد تنجح وقد لا تنجح، لكنّها تبقى دليلا على وجود مؤسسة عسكرية، تضمّ من دون شكّ ضباطا متهورين، لكنّها قادرة على التعاطي مع الاحداث بواقعية. مثل هذا التعاطي مع الاحداث بواقعية لا يزال ينقص المشرفين على المؤسسة العسكرية الذين يفترض بهم ان يعرفوا ان العودة الى النظام الذي أسس له هواري بومدين صارت من رابع المستحيلات وان الخيار الوحيد هو الدولة المدنية ودستور عصري.

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة السودان فرصة للجزائر تجربة السودان فرصة للجزائر



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 20:08 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

البساطة عنوان منزل نانسي عجرم في جبل لبنان

GMT 08:28 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

أعداء الثورة

GMT 21:46 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر الرزاز يُؤكّد على أنّه لا ضرائب جديدة في عام 2020

GMT 04:03 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهان عمر تحمل "إيباك" مسؤولية دعم حكومة نتنياهو

GMT 16:33 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

منصة "Wear OS" توفر للمستخدمين مزايا ساعة أبل الذكية

GMT 15:14 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

أحمد حسن يكشّف سر فشل انتقال خريبين إلى "بيراميدز"

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

طفلة تُحارب مرض السرطان وتحتاج إلى نوع دم نادر

GMT 01:01 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 19:07 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"هلا أورغانيك" يأتيك بمفهوم جديد للطعام اللبناني الصحي

GMT 13:27 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

منتخب تونس لليد يستعد لدورة ألعاب البحر المتوسط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab