مسيحيو لبنان من الانهيار السياسي… إلى الاقتصادي

مسيحيو لبنان من الانهيار السياسي… إلى الاقتصادي

مسيحيو لبنان من الانهيار السياسي… إلى الاقتصادي

 الالأردن اليوم -

مسيحيو لبنان من الانهيار السياسي… إلى الاقتصادي

بقلم - خير الله خير الله

لا تزال للمسيحيين اللبنانيين أهمّية على الصعيد الاقتصادي. إذا انهار الاقتصاد بسبب المسّ بالنظام المصرفي سيعني ذلك النهاية العملية للمسيحيين من خلال تدمير الموقع الأخير لهم لبنانيا.

ليست المهزلة في الاحتفال بذكرى الثالث عشر من تشرين الأوّل- أكتوبر 1990، ذكرى استيلاء الجيش السوري على قصر بعبدا ووزارة الدفاع اللبنانية وبداية نظام الوصاية السورية على كلّ الأراضي اللبنانية. استمرّت هذه الوصاية خمسة عشر عاما، إلى أن خرج النظام الأمني السوري من لبنان في السادس والعشرين من نيسان- أبريل 2005 على دم رفيق الحريري.

المهزلة في عدم استيعاب النتائج التي ترتبت على ذلك الحدث الذي كان النهاية السياسية لما يسمّى، عن حسن نيّة أو عن سوء نيّة، “المارونية السياسية” في لبنان، وهي تسمية اخترعها المفكّر الراحل منح الصلح.

في 1990، تكرّست النهاية السياسية لـ”المارونية السياسية” وهي النهاية السياسية للمسيحيين في لبنان الذين ارتضوا خوض كلّ المغامرات المستحيلة، بدءا بقبول زعمائهم اتفاق القاهرة في تشرين الثاني- نوفمبر 1969، ثم انتخاب سليمان فرنجيّة الجدّ رئيسا للجمهورية في العام 1970، غير مقدرين معنى وجود شخص لا علاقة له بما يدور على الصعيد الإقليمي في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية في إحدى أكثر المراحل دقّة في تاريخ الشرق الأوسط. كان أخطر ما في تلك المرحلة فرض اتفاق القاهرة على لبنان وبدء تدفّق المسلحين الفلسطينيين على أراضيه نتيجة هزيمة “المقاومة الفلسطينية” في الأردن، وصعود نجم حافظ الأسد على رأس نظام سوري يتقن إدارة التوازنات الإقليمية والدولية ببراعة ليس بعدها براعة، وصولا إلى إشعال الحرائق في لبنان ولعب دور الإطفائي الذي من دونه لا استقرار في المنطقة، بل نزاعات يمكن أن تندلع في أي لحظة مع إسرائيل.

لا تزال للمسيحيين اللبنانيين أهمّية على الصعيد الاقتصادي. إذا انهار الاقتصاد بسبب المسّ بالنظام المصرفي سيعني ذلك النهاية العملية للمسيحيين من خلال تدمير الموقع الأخير لهم لبنانيا

لعلّ أكثر ما لم يفهمه المسيحيون في لبنان في تلك المرحلة أنّ لا طرف غربيا، أميركيا أو أوروبيا، يمكن أن يهبّ لمساعدتهم في حال دخولهم في مواجهة مع الفلسطينيين الذين كان النظام السوري يشجّعهم على إقامة دولة داخل الدولة اللبنانية، على غرار الدولة التي يقيمها الآن “حزب الله” خدمة لمصالح إيران ولا شيء آخر غير ذلك.

قرروا خوض سلسلة من المغامرات التي تخللها الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982 ونتائجه المدمّرة على المسيحيين قبل غيرهم، على الرغم من لعبه دورا حاسما في إخراج المسلحين الفلسطينيين من لبنان… لمصلحة “الحرس الثوري” الإيراني كما تبيّن لاحقا. تُوّجت كل المغامرات التي خاضها المسيحيون، ابتداء بتوقيع اتفاق القاهرة المشؤوم، بتحقيق النظام السوري ما كان يصبو إليه. لم يكن ذلك ممكنا من دون الحسابات الخاطئة، خصوصا على الصعيد الإقليمي، في السنوات 1988 و1989 و1990 عندما كان الجنرال ميشال عون في قصر بعبدا رئيسا لحكومة موقتة، رفض المسلمون المشاركة فيها. لم تكن من مهمّة لهذه الحكومة سوى تأمين انتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس أمين الجميّل.

شكّل ميشال عون في تلك المرحلة حالة تمرّد تجلى فيها العجز المسيحي عن استيعاب النتائج التي يمكن أن تترتب على الدخول في مواجهة مع “القوات اللبنانية” التي لم تكن سوى ميليشيا من ميليشيات الحرب اللبنانية ارتكبت، مثلها مثل غيرها، الكثير من الأخطاء، بما في ذلك “حرب الجبل”.

خلاصة الأمر أن 13 تشرين الأوّل- أكتوبر 1990، كان نهاية مرحلة في لبنان. للمرّة الأولى منذ الاستقلال، يدخل السوري قصر بعبدا ووزارة الدفاع ولا تعود هناك منطقة لبنانية واحدة خارج هيمنته. يومذاك، انتهى الدور السياسي للمسيحيين في لبنان، خصوصا بعدما اغتال النظام السوري رئيس الجمهورية المنتخب رينيه معوّض الذي شكلّ محاولة لقيام نظام لبناني متوازن يتمتع بغطاء عربي ودولي في ظلّ اتفاق الطائف.

يصعب على من لا يستوعب معنى نهاية حقبة “المارونية السياسية” في 1990، استيعاب ما آل إليه الوضع اللبناني في 2019. هناك بكلّ بساطة نظام سياسي جديد حلّت فيه الوصاية الإيرانية مكان الوصاية السورية. هل من عيب أكبر من عيب لجوء القضاء اللبناني إلى ملاحقة صحيفة “نداء الوطن” بسبب عنوان يعكس الواقع القائم في البلد، في حين يتجاهل كلام الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله الذي يؤكد فيه ولاءه المطلق لإيران و”المرشد” علي خامنئي الذي وصفه بـ”حُسيْننا”؟

أخطر ما في الأمر، أنّ هناك مسيحيين لا يريدون فهم أبعاد أن يكون “حزب الله” هو من يقرّر من هو رئيس الجمهورية في لبنان، وأنّ مثل هذه الجريمة في حجم جريمة قبول اتفاق القاهرة الذي يتحمّل مسؤوليتها المسلمون السنّة، في معظمهم، وكمال جنبلاط أيضا وأيضا.

بقي موقع رئيس الجمهورية خاليا، طوال سنتين ونصف سنة، إلى أن جاء اليوم الذي تقرّر فيه انتخاب مرشّح “حزب الله” رئيسا. هناك نتائج ستترتب على ذلك. في مقدّم هذه النتائج طيّ صفحة الوجود السياسي للمسيحيين في لبنان نهائيا، اللهمّ إلا إذا كان مطلوبا استخدامهم في الضغط على السنّة والدروز في مرحلة هناك تخلّ عربي وأوروبي وأميركي عن أهل السنّة في لبنان.

في 1990، تكرّست النهاية السياسية لـ”المارونية السياسية” وهي النهاية السياسية للمسيحيين في لبنان الذين ارتضوا خوض كلّ المغامرات المستحيلة

ما يُفترض أن يعيه المسيحيون في لبنان أن المرحلة المقبلة ليست مرحلة استعادة حقوقهم، خصوصا أن هذه الحقوق صارت رهينة لدى إيران. ليس الموضوع موضوع حقوق مسيحية وحرائق “لا تطال غير المناطق المسيحية” على حد تعبير ذلك النائب العوني – النكتة. هذا النائب الذي شكا من اقتصار الحرائق على المناطق المسيحية، وهذا ليس صحيحا، نكتة سمجة لا أكثر تنمّ سوى عن مدى انتشار الجهل والأمّية السياسية في أوساط مسيحية معيّنة. الموضوع كيف يقاوم المسيحيون، بالتفاهم مع المسلمين، بمن فيهم الدروز طبعا، الهجمة على الاقتصاد اللبناني وعلى المصارف اللبنانية التي تشكّل آخر معقل لهم، وآخر منطقة نفوذ حقيقية لهم في لبنان. من الواضح أنّ “حزب الله” يستهدف المصارف اللبنانية متذرّعا في هجومه عليها بالعقوبات الأميركية التي فرضتها الإدارة الأميركية على إيران وأدواتها المنتشرة في المنطقة.

في 1990، كانت النهاية السياسية للمسيحيين في لبنان. هذا ما يرفضون تصديقه رافضين أن يأخذوا في الاعتبار عدد الذين هاجروا لبنان على دفعات منذ تلك الفترة، خصوصا نتيجة الحرب بين ألوية الجيش اللبناني التي كانت بإمرة ميشال عون و”القوات اللبنانية”.

كانت 1990 سنة تحوّل دراماتيكي على صعيد خسارة المسيحيين موقعهم السياسي في لبنان بسبب غياب الوعي لما يدور في المنطقة وخطورة الرهان على صدّام حسين الذي أقدم في تلك السنة على مغامرته المجنونة في الكويت. يبدو أن عدم استيعاب الدرس الذي ترتب على دخول القوات السورية إلى قصر بعبدا ستكون له نتائج وخيمة في 2019. لا تزال للمسيحيين اللبنانيين أهمّية على الصعيد الاقتصادي. إذا انهار الاقتصاد بسبب المسّ بالنظام المصرفي سيعني ذلك النهاية العملية للمسيحيين من خلال تدمير الموقع الأخير لهم لبنانيا. انتهى موقعهم السياسي… وجاء دور إنهاء موقعهم الاقتصادي!

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسيحيو لبنان من الانهيار السياسي… إلى الاقتصادي مسيحيو لبنان من الانهيار السياسي… إلى الاقتصادي



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 17:11 2018 السبت ,04 آب / أغسطس

الكاتب مايكل روزن في مهمة لإسعاد الصغار

GMT 11:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

وفدٌ من النادي الأهلي السعودي يزور هداف الدوري عمر السومة

GMT 04:55 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

فاسانو ريو أفضل بركة سباحة لمشاهدة شاطئ ايبانيما

GMT 09:01 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

درة تنجو من عقوبات الزوجة الثانية في حياة هاني سعد

GMT 08:29 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

7 من أفضل اتجاهات الموضة الرجالية في خريف 2019

GMT 10:47 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

24 منتخبًا يتنافسون على أقوى ضربة في مونديال كرة اليد

GMT 01:41 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

6 إشارات يُطلقها الجسم للإشارة إلى قصور القلب

GMT 18:51 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على سعر الدينار العراقي مقابل الريال السعودي الاتنين

GMT 18:34 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صحيفة "الخليج الجديدة" تزعم مقتل تركي الجاسر أثناء تعذيبة

GMT 11:45 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صفوت يبلغ ثمن نهائي بطولة" شينزن" للتنس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab