حزب الله والتصالح مع الواقع

'حزب الله' والتصالح مع الواقع

'حزب الله' والتصالح مع الواقع

 الالأردن اليوم -

حزب الله والتصالح مع الواقع

بقلم : خيرالله خيرالله

في أعقاب كل معركة، كان الحزب يرتد على الداخل اللبناني لتحقيق مزيد من الانتصارات على اللبنانيين. كان يعمل في كل مرة على قضم جزء مما بقي من هيبة الدولة ومؤسساتها بحجة أنه 'مقاومة'.

ما يحمي لبنان ليس صواريخ “المقاومة” ولا مشاركة “المقاومة” في الحرب على الشعب السوري بناء على طلب من إيران. لا يحمي لبنان الكلام الذي صدر قبل أيّام عن الأمين العام لـ“حزب الله” السيّد حسن نصرالله عن أنّ “العدو الإسرائيلي يجب أن يعرف أنّه إذا شنّ حربا على سوريا أو على لبنان، فليس من المعلوم أن يبقى القتال لبنانيا ـ إسرائيليا، أو سوريا إسرائيليا”، مضيفا أن “هذا لا يعني أني أقول أن هناك دولا قد تدخل بشكل مباشر، ولكن قد تفتح الأجواء لعشرات الآلاف، بل مئات الآلاف من المجاهدين والمقاتلين من كلّ أنحاء العالم العربي والإسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة، من العراق واليمن وإيران وأفغانستان وباكستان”.

لماذا هذا الكلام الذي ليس ما يبرّره غير الرغبة في تفادي التعاطي مع الواقع. يقول الواقع إن جنوب لبنان يعيش منذ العام 2006، أي منذ أحد عشر عاما إلّا ستة أسابيع بالتمام والكمال، في ظلّ القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمـن التابع للأمم المتحدة وذلك في ظروف لم يعش مثلها منذ العام 1969، تاريخ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم.

ثمّة حاجة لدى “حزب الله” وغيره إلى التصالح مع الحقيقة والواقع ومع ما يطالب به أهل جنوب لبنان الذين ذاقوا الويلات منذ زجّ لبنان بنفسه في معركة خاسرة كان في استطاعته تفاديها. عوقب لبنان بفرض اتفاق القاهرة عليه كونه لم يشارك في حرب 1967، أي لم يكن طرفا في الهزيمة ولا شريكا في التنظير لها!

ليس بالكلام عن نيات إسرائيل يمكن تغطية أن إيران لم تفعل شيئا من أجل القدس منذ إعلان آية الله الخميني عن هذا اليوم في تمّوزـ يوليو من العام 1979. لم تحصل منذ ذلك التاريخ غير متاجرة بالقدس ومزايدات لا هدف منها سوى إحراج العرب ولا شيء آخر غير ذلك.

في ظل أكثر الحكومات يمينية وتطرفا منذ قيامها، تعرف إسرائيل تماما ماذا تريد. أكثر من ذلك، إنّها تمارس سياسة تصب في خلق أمر واقع جديد على أرض فلسطين على حسـاب الشعب الفلسطيني. تريد بكـل بساطة تكريس احتلالها لجزء من الضفة الغـربية، بمـا في ذلك القـدس الشـرقية. ما هي الخطوات التي أقدمت عليها إيران من أجل منعهـا من تنفيذ هـذه السياسة التي أدّت إلى زرع مـا يـزيد على 650 ألـف مستـوطن في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية.

القدس مطوقة من كلّ حدب وصوب بالمستوطنين. هناك أربعون مستوطنة في أراض قريبة من نابلس، كبرى مدن الضفّة الغربية. وحدهم أهل القدس الصامدون يدافعون عنها بدعم من العرب الصادقين، في مقدّمهم الملك عبدالله الثاني، وقبله الملك حسين، رحمه الله. أكثر من ذلك، إن إسرائيل تعرف تماما أن “حزب الله” الغـارق في وحول الحرب على الشعب السوري إنما يطلق الشعارات الفضفاضة والكلام الكبير لتغطية سياسة لم تؤد، أقلّه إلى الآن، سوى إلى منع مؤسسات الدولة اللبنانية من استعادة عافيتها.

لم تعترض إسرائيل يوما على كلّ ما من شأنه بقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة ما دام ذلك يسمح لها بتبادل الخدمات مع النظامين السوري والإيراني في ضوء حاجة كلّ منهما إلى هذه الجبهة التي أقفلها القرار 1701 لأسباب أكثر من معروفة. من بين هذه الأسباب أن قواعد اللعبة التي كان متفقا في شأنها مع حافظ الأسد تغيرت. تغيّرت هذه القواعد بمجرد أن إيران استخدمت في حرب صيف 2006 صواريخ قصفت بها مدنا وبلدات إسرائيلية، كما لم توفّر مدنا وبلدات عربية ما زال أهلها يتحدون إسرائيل من داخل حدود 1948.

أوقف القرار 1701 العمليات العسكرية ووضع حدّا لمزيد من الخراب اللبناني ولتهجير لأهل الجنوب من مدنهم وقراهم. أنهى القرار وضعا كان قائما. تغيرت قواعد اللعبة. الجميع يعرفون ذلك. الجميع يعرفون أنّ إسرائيل كان يمكن أن تلحق مزيدا من الخراب والدمار بلبنان لو استمرت حرب صيف 2006. لذلك سعى المجتمع الدولي إلى إسدال الستارة على الحرب حماية للبنان وما بقي منه وللبنانيين.

ما يفترض أن يدركه الأمين العام لـ“حزب الله” في نهاية المطاف أن الخدمة الوحيدة التي يمكن أن يؤدّيها للبنانيين وللبنان لا تكون بالتهديد بفتح الأجواء اللبنانية للإيرانيين والعراقيين والأفغان والباكستانيين واليمنيين الذين تكفيهم مصائب بلدهم. الخدمة الوحيدة تكون بإغلاق الأجواء اللبنانية في وجه كلّ من يريد استخدام لبنان “ساحة”، بما في ذلك بعض قيادات “حماس” التي يعتقد أنها انتقلت من الدوحة إلى بيروت. هل صار “حزب الله” الطرف الذي يتحكّم بالأجواء اللبنانية، يفتحها ويغلقها أمام من يشاء… بعدما اعتبر أن لا قيمة للحدود اللبنانية ـ السورية وأن الرابط المذهبي يتجاوز كلّ ما عداه في العلاقات بين دول المنطقة، بما في ذلك العـلاقات بين بلدين مثل سوريا والعراق؟

كان لبنان ضحية كل الحروب التي خاضها “حزب الله” مع إسرائيل منذ تسعينات القرن الماضي. في كل مرّة كانت تنتهي معركة، كان الحزب يرفع شارة النصر. في أعقاب كلّ معركة، كان الحزب يرتدّ على الداخل اللبناني لتحقيق مزيد من الانتصارات على اللبنانيين. كان يعمل في كلّ مرّة على قضم جزء مما بقي من هيبة الدولة اللبنانية ومؤسساتها بحجة أنه “مقاومة”. لم يقاوم، في واقع الحال، سوى كل المحاولات التي استهدفت إعادة الحياة إلى الدولة اللبنانية.

مرّة أخرى، لا يحمي لبنان في هذه المرحلة سوى القرار 1701 الذي وافق “حزب الله” على كلّ كلمة فيه قبل صدوره في آب ـ أغسطس من العام 2006. من يريد توفير أي خدمة من أيّ نوع للبنان يبدأ بالابتعاد عن الكلام غير الواقعي الذي يستغل “يوم القدس” من أجل مهاجمة المملكة العربية السعودية والدول العربية الخليجية التي يعمل فيها لبنانيون. ما يريده اللبنانيون هو العودة إلى الدولة التي يجدون فيها المنقذ الوحيد لهم من بقاء بلدهم “ساحة” لتبادل الرسائل بين إيران وإسرائيل.

لم ينعم أهل الجنوب اللبناني بالهدوء الذي ينعمون به إلّا بفضل القرار 1701. هناك ظروف قادت إلى ولادة القرار. لماذا المكابرة ورفض الاعتراف بذلك ورفض الاعتراف في الوقت نفسه بأن لبنان في غنى عن إيرانيين وعراقيين وباكستانيين وأفغان يدافعون عنه. ما رأي أهل الجنوب باستحضار “لواء الفاطميون” الأفغاني إلى أرضهم؟ ألن يذكرهم ذلك بالجنسيات المتنوعة التي أتى بها الفلسطينيون في مرحلة مـا إلى الجنوب؟

أمّا اليمنيون فتكفيهم مصائبهم، في مقدّمها انتشار وباء الكوليرا. الأكيد أن فلسطين آخر همومهم، خصوصا في هذه الأيّام. لم تعد فلسطين موجودة في اليمن سوى في خطابات عبدالملك الحوثي الذي يفترض فيه أن يعرف أن إنصاف أهل صنعاء ورفع يد ميليشياته عنهم أهمّ بكثير من شعارات تحرير فلسطين والقدس. ليس بالشعارات يحيا أهل اليمن ويستعيدون الأمل في استعادة الحياة الطبيعية في يوم من الأيّام. ليس بالشعارات تعود القدس. الشعارات هي الطريق الأقصر للانتصار على لبنان بدل الانتصار في يوم من الأيّام على إسرائيل.

jordantodayonline

GMT 22:42 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

بين 1990 و 2020... الأمل المفقود

GMT 12:32 2020 الجمعة ,03 إبريل / نيسان

متى تتوقف ايران عن ممارسة الاستكبار

GMT 13:41 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

المأزق التركي

GMT 11:22 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

من ميتران.. إلى بوش الابن وترامب

GMT 04:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

زمن الخيارات الصعبة في لبنان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب الله والتصالح مع الواقع حزب الله والتصالح مع الواقع



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:10 2015 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

مستشفى إبراهيم عبيد الله تفحص 3952 مريضَا بالقلب

GMT 22:07 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

عصير البصل يحسن الدورة الدموية ويخلص من الصلع

GMT 16:34 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

"الكاف" يعاقب الصفاقسى التونسى

GMT 06:23 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

نوال الزغبي تتألق بفستان فضي في أحدث حفلاتها

GMT 18:32 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

المدافع سيرجيو راموس يعود لمنتخب إسبانيا

GMT 12:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مباحث ودراسات في التاريخ والخطط" كتاب من تراث مصطفى جواد"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab