هاشمي رفسنجاني الذي تجاوز عقدة الشيطان الأكبر

هاشمي رفسنجاني الذي تجاوز عقدة 'الشيطان الأكبر'

هاشمي رفسنجاني الذي تجاوز عقدة 'الشيطان الأكبر'

 الالأردن اليوم -

هاشمي رفسنجاني الذي تجاوز عقدة الشيطان الأكبر

بقلم : خير الله خير الله

يختزل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي توفى قبل أيّام، جانبا من التاريخ الإيراني الحديث. كان من بين الشخصيات الإيرانية التي لعبت دورا مهما في مرحلتي الإعداد للثورة التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي في العام 1979، وتلك التي تلت انتصار تلك الثورة بقيادة آية الله الخميني وقيام “الجمهورية الإسلامية” في إيران.

كان رفسنجاني، الذي جمع ثروة كبيرة من زراعة الفستق والمتاجرة به وعلاقاته بتجار البازار، يمتلك عقلا مرنا يتسم في الوقت ذاته بالواقعية والمعرفة الدقيقة بموازين القوى الإقليمية والدولية. لذلك لم يكن في يوم من الأيّام مقتنعا بالعداء للولايات المتحدة. سمح له هذا العقل بأن يقنع الخميني في العام 1988 بتناول “كأس السمّ” ووقف الحرب مع العراق. أقدم على ذلك بعدما قدّم، بالمشاركة مع علي خامنئي، تقارير مغلوطة تتسم بالتفاؤل عن سير الحرب مستخدمين أحمد الخميني، النجل الأكبر للوليّ الفقيه وقتذاك.

استمرّت تلك الحرب التي استنزفت دول المنطقة ثماني سنوات وأدت إلى خسائر كبيرة لحقت بالعراق وإيران ودول الخليج العربي أيضا. لكنّ هذه الحرب ساهمت في الوقت ذاته في دعم النظام الذي أقامه الخميني، ومكنته لاحقا من استغلال الخطأ القاتل لصدّام حسين عندما غزا الكويت في العام 1990 وأراد شطب بلد عربي عن الخريطة. مهّد الخطأ العراقي لوضع اليد الإيرانية على العراق بعد الحرب الأميركية التي تعرّض لها في ربيع العام 2003. حققت إيران بفضل الولايات المتحدة ما عجزت عن تحقيقه بُعيد إعلان “الجمهورية الإسلامية” ورفع شعار “تصير الثورة”.

تكمن أهمّية رفسنجاني، الـذي شغل مـوقع رئيس الجمهورية بين 1989 و1997، وقبل ذلك موقع رئيس مجلس الشورى (مجلس النوّاب)، في أنه سعى إلى اِتّباع نهج إصلاحي جعله، بعد موت الخميني، يصطدم بعلي خامنئي. اصطدم بـ“المرشد” على الرغم من أنه كان له دور في وصول الأخير إلى الموقع الذي يعتبر السلطة العليا في إيران، أي أنّه بمثابة المرجعية لكلّ مؤسسات الدولة من زاوية كونه “الولي الفقيه” الذي لا مجال لأي جدال أو نقاش معه. تعرّض رفسنجاني في السنوات الأخيرة للاضطهاد، لكنّه بقي حريصا على النظام ولم يشكّك به يوما، علما أن تحذيرات عدة صدرت عنه تشير إلى اعتقاده بأن تفادي الإصلاحات سيعود بكوارث على إيران.

بقي على ولائه للنظام الذي سجن ابنته فائزة، كما سجن أحد أبنائه ويدعى مهدي بتهمة الفساد. في النهاية، حرص النظام على تكريم الرئيس السابق الذي انضمّ إلى مجموعة من الإصلاحيين، على رأسهم الرئيس السابق محمد خاتمي، ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي. لم تستطع هذه المجموعة تحقيق أيّ إنجاز يذكر على صعيد تحسين الأوضاع المعيشية أو إيجاد هامش للديمقراطية. صحيح أنّها ساعدت في إيصال حسن روحاني إلى الرئاسة، لكنّ الصحيح أيضا أنّ روحاني، على غرار محمّد خاتمي، لم يلعب دورا يذكر في تغيير السياسة الإيرانية، على الرغم مِن أنّه كان من داعمي الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني والانفتاح على الغرب.

لا يمكن إلا الاعتراف بالدور الكبير لرفسنجاني على الرغم من أنه فشل في كل خطوة أقدم عليها منذ وفاة الخميني، خصـوصا في فتـرة صعـود "الحـرس الثوري" الـذي ألغى معظـم المؤسسات الأخرى للدولة

سيكون ضريح رفسنجاني إلى جانب ضريح الخميني. يقول الخبثاء إن ذلك سيسمح لـ“الحرس الثوري” والأجهزة الأمنية بمراقبة من يزور الضريح. بقي رفسنجاني مقلقا للنظام في حياته وبعد مماته. أكثر ما يقلق في رفسنجاني امتلاكه لشبكة علاقات واسعة، سمحت له بأن يكون لاعبـا أساسيا على الصعيد الإقليمي في أثنـاء توليه الرئاسة وقبل ذلـك، أي في مرحلة لعبه دور اليد اليمنى لآية الله الخميني. وقتذاك، ارتبط اسمه بفضيحة “إيران غيت”، والزيارة السرّية التي قام بها أميركيون وإسرائيليون لطهران في أثناء الحرب مع العراق، والتي انتهت بحصول إيران على أسلحة كانت في حاجة إليها. تجاوز رفسنجاني وتجاوزت معه إيران عقدتي “الشيطان الأكبر” و“الشيطان الأصغر” عندما دعت الحاجة إلى ذلك.

ما هو ملفت في سيرة رفسنجاني أنّه لعب دوره في تدعيم النظام في الأيّام الصعبة التي مرّ فيها، كما كان قريبا جدا من الخميني إلى حين وفاة الأخير. كان له دور كبير في إبعاد حسين منتظري عن موقع “المرشد” خلفا للخميني، وكان له دور في حماية النظام القائم على نظرية “ولاية الفقيه”. يدفع هذا الدور إلى التساؤل هل كان رفسنجاني إصلاحيا بالفعل… أم كان هدفه استخدام الشعارات الإصلاحية لتعزيز موقعه السياسي في مرحلة ما بعد الخميني وصعود “الحرس الثوري”؟

لا يمكن إلا الاعتراف بهذا الدور الكبير لرفسنجاني على الرغم من أنّه فشل في كلّ خطوة أقدم عليها منذ وفاة الخميني، خصـوصا في فتـرة صعـود “الحـرس الثوري” الـذي ألغى معظـم المؤسسات الأخرى للدولة.

يظلّ الفشل الأكبر لرفسنجاني في أنّه لم يرفض يوما المشروع التوسّعي الإيراني القائم على الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية. بقي على الرغم من كلّ الظلم الذي تعرّض له ساكتا عمّا تقوم به إيران عبر الميليشيات المذهبية التي أسستها، والتي ذهبت بلدان عربية عدة ضحيّة لها. وقف مع الظلم في كلّ مكان من دون أن ينبس ببنت شفة حيال ما يتعرّض له هذا البلد العربي أو ذاك. هل كان رفسنجاني يدري ماذا يعني الدور الذي تلعبه ميليشيا مذهبية مثل ميليشيا “حزب الله” في لبنان؟ ألم يدر بخلده أنّ ضرب الصيغة اللبنانية والمجتمع اللبناني في الصميم هو إساءة لإيران، في حال كانت تريد أن تكون دولة طبيعية من دول المنطقة، وللشعارات التي رفعتها الثورة فيها؟

لم يصمت رفسنجاني أمام الظلم الذي تعرّض له الشعب السوري. كان بين الزعماء الإيرانيين القلائل الذين اعترضوا على التورّط الإيراني في سوريا، ولكن من دون أي نتائج عملية لاعتراضاته. في المقابل، صمت حيال جرائم “الحشد الشعبي” وقبل ذلك ميليشيات الأحزاب المذهبية في العراق. كان يسعى إلى أن يكون له دور في العراق، لو سمحت الظروف بذلك. صمت حيال التدخل الإيراني في اليمن، وهو تدخل أدّى إلى تأجيج الصراع المذهبي في بلد لم يعرف في الماضي أي خلافات مذهبية تذكر بين الزيود والشوافع.

فضّل رفسنجاني السلامة الشخصية دائما. حمى ثروته وثروة عائلته، وهي ثروة ضخمة. كان وطنيا إيرانيا من دون شكّ، ولكن ماذا عن المبادئ الإنسانية التي رفعتها الثورة الإيرانية، التي ما لبثت أن تحوّلت إلى ثورة تستخدم فلسطين للمتاجرة بهذه القضية والمزايدة على العرب لا أكثر؟ مرّة أخـرى، لا يمكـن تجاهل أن رفسنجاني كان من أبرز الشخصيات التي أنجبتها إيران في السنوات الخمسين الأخيرة. هذا لا يعني، بأي شكل، أنّ صمته تجاه المشروع التوسّعي لـ“الجمهورية الإسلامية” لم يكن صمتا مريبا. إنّه صمت يكشـف تلك الشوفينية الفـارسية الموجودة في داخـل معظم الإيرانيين، خصوصا تجاه كلّ ما هو عربي في المنطقة، بدءا بالعراق وصولا إلى اليمن، مرورا في طبيعة الحال بلبنان…

 

jordantodayonline

GMT 06:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تقارب طبيعي في منطقة غير طبيعية

GMT 06:24 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اربع سنوات من "عهد حزب الله" في لبنان

GMT 06:37 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب وبايدن... وقواعد اللعبة مع ايران

GMT 06:49 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السودان يدفع ثمن ضريبة فرضها الاخوان

GMT 05:36 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الخيار الذي حصرت ايران فيه نفسها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هاشمي رفسنجاني الذي تجاوز عقدة الشيطان الأكبر هاشمي رفسنجاني الذي تجاوز عقدة الشيطان الأكبر



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 23:10 2015 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

مستشفى إبراهيم عبيد الله تفحص 3952 مريضَا بالقلب

GMT 22:07 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

عصير البصل يحسن الدورة الدموية ويخلص من الصلع

GMT 16:34 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

"الكاف" يعاقب الصفاقسى التونسى

GMT 06:23 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

نوال الزغبي تتألق بفستان فضي في أحدث حفلاتها

GMT 18:32 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

المدافع سيرجيو راموس يعود لمنتخب إسبانيا

GMT 12:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مباحث ودراسات في التاريخ والخطط" كتاب من تراث مصطفى جواد"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab