ما سقط مع علي عبدالله صالح

ما سقط مع علي عبدالله صالح

ما سقط مع علي عبدالله صالح

 الالأردن اليوم -

ما سقط مع علي عبدالله صالح

بقلم : خير الله خير الله

ليس سقوط صنعاء الثاني في يد الحوثيين (أنصار الله)، بعد إعدام علي عبدالله صالح، سوى سقوط آخر لمدينة عربية كانت ساقطة أصلا. سقطت صنعاء مجددا في الرابع من كانون الأول – ديسمبر 2017 بعدما اجتاحها “أنصار الله” في المرة الأولى يوم الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014.

انتهى علي عبدالله صالح سياسيا وعسكريا يوم دخل الحوثيون صنعاء. لم يعد لديه ما يقاومهم به. كلّ ما في الأمر أنّه سعى إلى التذاكي عليهم عن طريق الدخول في شراكة عسكرية وسياسية كان فيها الجانب الأضعف.

يوما بعد يوم جرّده الحوثيون من أي عنصر قوة كان يمتلكه، وصولا إلى إعدامه في بيته الذي دافع عنه حتّى الرمق الأخير بشجاعة كبيرة دفاع الرجال. يقع هذا البيت في وسط صنعاء.

يعتبر كل ما يقال عن أنه كان في منطقة بين صنعاء ومنطقة سنحان التي هي مسقط رأسه بمثابة محاولة لإخفاء كيفية حصول الجريمة وتصوير الرئيس السابق بأنه كان يريد الهروب إلى مأرب.

لم يكن يوم الرابع من كانون الأول – ديسمبر يوما “تاريخيا واستثنائيا” كما يقول عبدالملك الحوثي. كان يوم اغتيال شخصية يمنية “استثنائية وتاريخية” بالفعل يصعب أن تتكرّر في تاريخ اليمن الحديث. هذا لا يعني أن علي عبدالله صالح كان الرئيس المثالي لليمن، خصوصا أن هناك ما للرجل وما عليه من مآخذ كثيرة، بل لا تحصى.

لكنّ ما لا يمكن تجاهله أنّه كان حالة فريدة من نوعها. كان آخر رئيس لليمن الموحد أولا، كما كان آخر رئيس يحكم اليمن من صنعاء. بعد الآن، بات في الإمكان القول إنّ صنعاء لم تسقط كمدينة عربية فحسب، بل سقطت أيضا كمدينة يُحكم منها اليمن.

لم تعد صنعاء المركز. لذلك يمكن القول إن السقوط الثاني للمدينة مؤشر إلى أن اليمن دخل فعليا مرحلة التشظّي التي لم يعد من علاج لها في ضوء تعميق الانقسامات المذهبية حسب خطوط واضحة تفصل بين الشمال من جهة والجنوب والوسط من جهة أخرى.

بعد السقوط الثاني لصنعاء التي اجتاحها الحوثيون من دون مراعاة لمشاعر أهلها، تنضم العاصمة اليمنية إلى مجموعة من المدن العربية عملت الميليشيات المذهبية التي ترعاها إيران على تدميرها الواحدة تلو الأخرى.

انضمت صنعاء عمليا إلى بغداد والبصرة والموصل وحلب وحمص وحماة ودمشق وحتّى بيروت حيث اعتبر حسن نصرالله يوم السابع من أيّار – مايو 2008 “يوما مجيدا”. كلّ هذه مدن عربية دمرتها الميليشيات التابعة لإيران أو عملت، وهي مستمرّة في العمل، على تغيير طبيعتها وطبيعة تركيبتها السكانية.

بعد كلّ الذي حصل بكل هذه المدن العربية، هل يعود مستغربا إعلان الولايات المتحدة أن القدس عاصمة إسرائيل، وذلك من دون ربط ذلك بتسوية شاملة تأخذ في الاعتبار أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلّة؟

جاء سقوط صنعاء على دفعات. يبقى سقوطها الأول في يد الحوثيين عام 2014 بداية وليس نهاية لمسلسل الأحداث الذي بدأ في العام 2011 حين قامت ثورة شبابية حقيقية على نظام علي عبدالله صالح.

ما لبث الإخوان المسلمون أن استغلوا هذه الثورة من أجل الاستيلاء على السلطة. لم يفهموا معنى سقوط نظام علي عبدالله صالح بطريقة غير مدروسة، وانتقال الحروب على السلطة إلى داخل أسوار صنعاء.

لم يكن هناك أي استيعاب لدى أطراف يمنية كثيرة لمعنى انهيار معادلة سياسية كانت قائمة منذ فترة طويلة هي معادلة “الشيخ والرئيس” التي كان بطلاها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، زعيم حاشد، الذي توفى في العام 2007 وعلي عبدالله صالح.

كانت هناك حدود لم يتجاوزها الشيخ عبدالله الذي عرف كم هي دقيقة المعادلة القائمة بينه وبين كلّ ما يمثله من قوى إخوانية وسلفية وقبلية من جهة، وعلي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية، الساعي إلى توريث نجله العميد أحمد من جهة أخرى.

كان تضخيم دور علي عبدالله صالح بعد سقوط صنعاء في يد الحوثيين جزءا من لعبة “شيطنة” الرجل الذي حاول الإخوان المسلمون التخلص جسديا منه في الثالث من حزيران – يونيو 2011.

فقد علي عبدالله صالح سيطرته على الجيش في العام 2012 بعد إعادة هيكلته على يد الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي. وفقد قدرته على التحكم بالقبائل التي تقيم في جوار صنعاء بشكل تدريجي، وذلك بعدما ضعفت إمكاناته المالية. كان عليه أن يصرف مبالغ كبيرة كي يبقي على ولاء بعض هذه القبائل في وقت لم يعد لديه أي دخل. استولى الحوثيون في المقابل على كل موارد الدولة. لم يتركوا لعلي عبدالله صالح حتّى الفتات.

لم تسقط صنعاء مرّة أخرى فحسب، بل سقطت أي إمكانية للانتهاء من الحوثيين من داخل اليمن في غياب شرعية جديدة قادرة على جمع ما يكفي من القوى الحيّة في المجتمع اليمني.

ما سقط مع علي عبدالله صالح ليس الأمل بأن تنتفض صنعاء على مغتصبي المدينة فقط. سقط أيضا أي رهان في المدى المنظور على وجود شيء اسمه “المؤتمر الشعبي العام”. هذا الحزب الكبير انتهى مع علي عبدالله صالح. ما انتهى أيضا الرهان على “قبائل الطوق” التي كان علي عبدالله صالح يعتقد أنها موالية له.

كان زعماء هذه القبائل يقولون “نخزّن (نمضغ القات) مع الرئيس ونقاتل مع الحوثيين”. قاتلت هذه القبائل وهي تنتمي إلى حاشد وبكيل وإلى قبائل أخرى مع الحوثيين في معظمها في السنوات القليلة الماضية، خصوصا منذ فقد علي عبدالله صالح السلطة.

أعدم الحوثيون علي عبدالله صالح، الذي خاضوا معه ست حروب بين 2004 و2010، بعدما صار عاريا. لا سلطة ولا مال ولا عسكر ولا رجال على استعداد لحمايته باستثناء عدد قليل من الأوفياء والمخلصين. هذا ما سهّل وصول “أنصار الله” إليه.

ماذا بقي من خيارات؟ بقيت الحاجة إلى عملية عسكرية كبيرة تلحق هزيمة بالحوثيين. من دون هذه الهزيمة، سيشدّد “أنصار الله” قبضتهم على صنعاء وعلى أهلها. ستزداد عزلة صنعاء وتترسّخ الحدود بين الزيود والشوافع، وبين الزيود أنفسهم، بين الحوثيين وبقية الزيود الذين لم يفرّقوا يوما بين يمني وآخر، وفتحوا أبواب صنعاء لكل يمني، خصوصا عندما اضطر جنوبيون إلى اللجوء إليها، خصوصا في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي.

ثمّة حاجة إلى البناء على معطيات جديدة تأخذ في الاعتبار أن “شيطنة” علي عبدالله صالح كانت جزءا من لعبة مارسها الإخوان وقطف ثمارها في نهاية المطاف الحوثيون الذين ليسوا سوى أداة إيرانية أخرى استخدمت في إخضاع مدينة عربية أخرى.

jordantodayonline

GMT 06:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تقارب طبيعي في منطقة غير طبيعية

GMT 06:24 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اربع سنوات من "عهد حزب الله" في لبنان

GMT 06:37 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب وبايدن... وقواعد اللعبة مع ايران

GMT 06:49 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السودان يدفع ثمن ضريبة فرضها الاخوان

GMT 05:36 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الخيار الذي حصرت ايران فيه نفسها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما سقط مع علي عبدالله صالح ما سقط مع علي عبدالله صالح



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 04:42 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

النادي "الإسماعيلي" يتعاقد مع لاعب نجوم المستقبل رسميًا

GMT 04:34 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

مصر من الثقافة المدنية إلى الحكم المدنى

GMT 16:22 2014 السبت ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم لوكس يقدم لزبائنه فطيرة جديدة بالأعشاب والبربر

GMT 05:47 2015 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

لوحات عالمية مزيفة وغياب النقد يهددان الفن التشكيلي

GMT 04:52 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ابتسامة شماتة من ابنة كلينتون على فضيحة دونالد ترامب

GMT 02:36 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

طفلة روسية وُلدت بعيب خلقي تحمل قلبها خارج صدرها

GMT 16:34 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

"بتاعة الفن" تقيّم فيلم "الفيل الأزرق 2"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab