السعودية… على البحر الأحمر

السعودية… على البحر الأحمر

السعودية… على البحر الأحمر

 الالأردن اليوم -

السعودية… على البحر الأحمر

بقلم : خيرالله خيرالله

لا مفرّ من ولادة تفكير استراتيجي يقوم على فكرة أن من المهمّ حماية منظومة الأمن الإقليمي وسدّ ثغرة اسمها ميناء الحديدة. معنى ذلك أن منظومة الأمن الإقليمي تمتد من بحر العرب إلى قناة السويس وتشمل عدن والمخا والحديدة وموانئ أخرى على الضفة المقابلة في القرن الأفريقي مثل جيبوتي وعصب ومصوّع.

تبدأ الحروب أحيانا بالكلام، كما يمكن أن تبدأ بسدّ المضائق البحرية والتعرض لحركة التجارة الدولية. يأتي كلام الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ليؤكد أن إيران على استعداد للذهاب بعيدا في سياسة تحدّي الولايات المتحدة والاقتراب من شفير الحرب.

تفعل إيران ذلك، بواسطة الجنرال سليماني، من منطلق أنّها مقتنعة بأن إدارة دونالد ترامب ليست في وضع يسمح لها بدخول مواجهة عسكرية مع إيران. هل سليماني على حقّ أم لا؟ وحدها الأيام والأسابيع المقبلة يمكن أن تجيب عن هذا السؤال وما إذا كانت أميركا تناور وأن إيران قادرة على الاستفادة من مناوراتها.

ليس في القرار السعودي القاضي بوقف ناقلات النفط من عبور باب المندب سوى دليل على أن هناك من يعتبر أن إيران لم تعد تكتفي بالكلام في تعاطيها مع الولايات المتحدة.

على العكس من ذلك، قررت الانتقال إلى خطوات يفهم منها أنّها على استعداد للردّ على العقوبات الأميركية الجديدة بخطوات محددة. يفهم من هذه الخطوات أن إيران قادرة بالفعل على تعطيل جزء من حركة الملاحة الدولية وأنّها تمتلك أوراقا تسمح لها بممارسة ضغوط على الآخرين، بما في ذلك دول الخليج.

ليس كلام قاسم سليماني سوى تتمة لما قاله في البداية الرئيس حسن روحاني عن أنه إذا لم تستطع إيران تصدير نفطها، ستمنع الآخرين من ذلك أيضا. كرّر روحاني كلاما قديما لا معنى له عن أنّ إيران قادرة على إغلاق مضيق هرمز. بقي هذا الكلام كلاما، لا لشيء، سوى لأن إيران تدرك أن التهديدات والشعارات شيء، في حين ترجمة ذلك إلى أفعال يظلّ شيئا آخر مرتبطا بموازين القوى في البرّ والبحر والجوّ.

تحدثت إيران عن إغلاق مضيق هرمز وعملت على إغلاق باب المندب وذلك عندما تعرّض الحوثيون، وهم أداة من أدواتها، لناقلتين سعوديتين أصيبتا في البحر الأحمر بعد عبورهما باب المندب.

أخذت المملكة ما قام به الحوثيون على محمل الجدّ. هناك إدراك حقيقي لواقع يتمثل في أن وراء من أقدم على مثل هذا التصرّف هو إيران التي بدأت تعدّ نفسها منذ الآن للعقوبات الأميركية الجديدة التي يفترض أن تدخل حيز التنفيذ على دفعتين. في آب – أغسطس وفي تشرين الثاني – نوفمبر المقبلين.

يفرض العمل العدائي الذي أقدمت عليه إيران، عبر الحوثيين، إلى اتخاذ خطوة أساسية تتعلّق بوضع ميناء الحديدة اليمني الذي تحوّل إلى قاعدة عسكرية تهدّد الملاحة في البحر الأحمر وكلّ سفينة تريد الوصول إلى قناة السويس. باختصار شديد، أرادت إيران أن تقول إن عجزها عن إغلاق مضيق هرمز، بسبب الخوف من مواجهة مباشرة مع البحرية الأميركية، لا يحرمها من امتلاك أوراق أخرى مثل عرقلة الملاحة في البحر الأحمر أو التأثير على مستوى إنتاج النفط في العراق.

تستطيع إيران ذلك عن طريق ميليشياتها العراقية القادرة على ممارسة دور في مجال استغلال الحراك الشعبي في هذا البلد بما يخدم في النهاية المصلحة الإيرانية في خفض الإنتاج النفطي للعراق.

كان ضروريا أن تدق السعودية جرس الإنذار وأن تلمّح الكويت إلى احتمال تفادي ناقلاتها لباب المندب. يقول المنطق إنّ ما بدأ بتحرير ميناء عدن من الحوثيين، ثمّ ميناء المخا الذي يتحكّم بباب المندب، لا بدّ من أن يُستكمل بتحرير الحديدة. صحيح أن قوات الجيش اليمني تقدمت في اتجاه الميناء، لكنّ الصحيح أيضا أنّ هذا التقدّم يجب أن يترجم بطريقة أو بأخرى تؤدي إلى سحب الورقة اليمنية من إيران.

مرّة أخرى، يتبيّن أن “عاصفة الحزم” لم تكن حملة عسكرية تستهدف اليمن بمقدار ما أنّها جزء من حرب دفاعية في مواجهة المشروع التوسّعي الإيراني الذي يريد تحويل اليمن قاعدة عسكرية في خدمة هذا المشروع من جهة وتهدّد الأمن الخليجي من جهة أخرى.

من الملفت أنّ الاستهداف الإيراني، عبر الحوثيين، للناقلتين السعوديتين في البحر الأحمر جاء في وقت يسعى مارتن غريفيث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى إيجاد حلّ للمشكلة التي اسمها ميناء الحديدة.

يمكن تفهم حرص غريفيث على تفادي مزيد من السفك للدماء. وقف المعارك في اليمن هدف نبيل من دون شكّ. ولكن هل في استطاعة مبعوث الأمين العام إقناع الحوثيين بأنّ ما يقومون به يهدّد السلام والأمن الدوليين وأن من المعيب على طرف يمني لا يستطيع أحد إنكار أنّه موجود أن يكون مجرد أداة في لعبة أكبر منه؟

تكمن أهمّية القرار الذي اتخذته السعودية في شأن تفادي مرور ناقلاتها عبر باب المندب في أنّه يضع العالم، في مقدّمه الولايات المتحدة، أمام مسؤولياته. هل مسموح لإيران استخدام ورقتها اليمنية من دون رادع؟ هل مسموح أن تعمل الأمم المتحدة من أجل أن يكسب الحوثيون الوقت وأن تتمكن إيران من المماطلة والمناورة بدل أن تقتنع بأنّ ما يجري في الحديدة يتجاوز مسألة ميناء كبير ومهم يطل على البحر الأحمر وضعت إيران يدها عليه.

في النهاية، لا مفرّ من ولادة تفكير استراتيجي يقوم على فكرة أن من المهمّ حماية منظومة الأمن الإقليمي وسدّ ثغرة اسمها ميناء الحديدة. معنى ذلك أن منظومة الأمن الإقليمي تمتد من بحر العرب إلى قناة السويس وتشمل عدن والمخا والحديدة وموانئ أخرى على الضفة المقابلة في القرن الأفريقي مثل جيبوتي وعصب ومصوّع. لذلك كان مهمّا إجراء المصالحة الإريترية – الإثيوبية في سياق حماية أمن المنطقة كلّها وسدّ كل الثغرات وصولا إلى حسم معركة الحديدة عاجلا أم آجلا.

هذه ليست مسؤولية “التحالف العربي” الذي يدافع عن نفسه وعن أمن كلّ دولة من دول الخليج في اليمن. هذه أيضا مسؤولية دولية تندرج في إطار المواجهة الأميركية – الإيرانية لا أكثر ولا أقلّ. ما الذي ستفعله إدارة ترامب في المستقبل القريب من أجل إظهار أنّها ليست إدارة باراك أوباما وأنّها تستوعب تماما معنى بقاء إيران في الحديدة والنتائج المترتبة على تهديد الملاحة في البحر الأحمر؟

هناك لعبة كبيرة تدور في المنطقة. سيظل مطروحا هل تتحكم إيران بهذه اللعبة من منطلق أنّها قوّة إقليمية مهيمنة تستطيع أن تسمح لنفسها بتهديد الولايات المتحدة بواسطة ميليشياتها الموجودة في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟

الجواب أنّه معروف جيدا ما الذي تستطيع إيران عمله عبر ميليشياتها. ما ليس معروفا هل إدارة ترامب إدارة جدّية تتمتع برؤية إستراتيجية تشمل بين ما تشمله المعرفة المعمّقة بأهمّية ميناء الحديدة ودوره في خدمة المشروع الإيراني وتهديد الملاحة في البحر الأحمر في الوقت ذاته. ما فعلته السعودية الموجودة على البحر الأحمر ليس كشفا لما تقوم به إيران فحسب، بل وضع للإدارة الأميركية أمام مسؤولياتها أيضا وتأكيد لأمر واقع يقول إن للمملكة شاطئا طويلا على هذا البحر وأن أمنها مرتبط به إلى حدّ كبير.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

المصدر: جريدة العرب

jordantodayonline

GMT 06:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تقارب طبيعي في منطقة غير طبيعية

GMT 06:24 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اربع سنوات من "عهد حزب الله" في لبنان

GMT 06:37 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب وبايدن... وقواعد اللعبة مع ايران

GMT 06:49 2020 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

السودان يدفع ثمن ضريبة فرضها الاخوان

GMT 05:36 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الخيار الذي حصرت ايران فيه نفسها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية… على البحر الأحمر السعودية… على البحر الأحمر



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 22:39 2017 السبت ,15 تموز / يوليو

حب متعب

GMT 01:32 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

ديانا كرزون تعود من جديد إلى الساحة الغنائية

GMT 04:58 2014 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

قهوة متنقلة مزركشة تلبي طلبات زبائنها حسب الرغبة في سورية

GMT 03:08 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي وكورتني كارداشيان تتألقان في فستانين مثيرين

GMT 18:51 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

علامتان في الأنف تحذران من إصابة "كوفيد-19" المحتملة

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

أدلة جديدة تنسف "نظرية القمر" وتذهل العلماء

GMT 16:40 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أول شاحنة كهربائية في كاليفورنيا

GMT 01:08 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تطلق الجيل الثامن من "غولف"

GMT 19:20 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

رئيس نادي الهلال السعودي يتقدم باستقالته رسميًا

GMT 13:04 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

تقديم موعد مباراة شباب بلوزداد أمام شباب قسنطينة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab