الحذر العربي حيال اميركا

الحذر العربي حيال اميركا

الحذر العربي حيال اميركا

 الالأردن اليوم -

الحذر العربي حيال اميركا

بقلم _خير الله خير الله

في مثل هذه الايّام من العام 2013، لجأ النظام السوري الى السلاح الكيميائي في سياق الحرب التي يشنّها على شعبه. سقط في الغوطة القريبة من دمشق ما يزيد على الف وخمسمئة قتيل. تحرّكت إدارة باراك أوباما ووعدت بالردّ على النظام، خصوصا ان الرئيس الاميركي كان رسم خطوطا حمر لبشّار الأسد. كان وزير الدفاع الاميركي وقتذاك، الجمهوري تشاك هيغل الذي عاد على عجل الى واشنطن، التي كان خارجها، وذلك من اجل الاعداد للردّ على الجريمة الجديدة التي ارتكبها بشّار. فجأة، غير الرئيس الاميركي رأيه في وقت كان كلّ شيء جاهزا لتوجيه ضربة الى النظام السوري وفي وقت كانت المعارضة تطوّق دمشق وتقترب من المواقع الحساسة في العاصمة السورية.

تشاك هيغل نفسه، الذي ما لبث ان استقال من موقع وزير الدفاع، راح يتساءل عن الأسباب التي دفعت أوباما الى تغيير رأيه بطريقة دراماتيكية وذلك بعد حديث طويل بينه وبين رئيس اركان البيت الأبيض وقتذاك دنيس ماك دونو فيما كانا يتمشيان في حديقة البيت الأبيض. كان لا بدّ من مرور سنوات عدّة قبل ان تظهر الحقيقة. تبيّن انّ كلّ ما في الامر انّ ادارة أوباما كانت تجري مفاوضات سرّية مع ايران في شأن ملفّها النووي. لم تكن تريد الاقدام على أي خطوة يمكن ان تزعج طهران. مسموح قتل مئات، بل آلاف السوريين. ما ليس مسموحا به هو ازعاج "الجمهورية الإسلامية" التي تمتلك برنامجا نوويا استطاعت استخدامه لابتزاز الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة.

لم تمض سنتان الّا ووقعت مجموعة الخمسة زائدا واحدا، صيف 2015، اتفاقا مع ايران في شأن ملفّها النووي. كان هذا الاتفاق هدفا بحدّ ذاته بالنسبة الى الرئيس الاميركي، الذي لم يكن يرى سوى الإرهاب السنّي ممثلا بـ"القاعدة" او "داعش" او ما يتفرّع عنهما. نسي حتّى، بين ما نساه، ان في أساس "القاعدة" و"داعش" فكر الاخوان المسلمين الذي راح اوباما يدعمه في هذا البلد العربي او ذاك، كما حصل في مصر.

في النهاية، من خلّص مصر من الاخوان ونظامهم الذي أرادوا فرضه على البلد، كي يزداد تخلّفا، تحرّك الشارع المصري بمؤازرة من المؤسسة العسكرية ودول عربية خليجية امتلكت ما يكفي من الجرأة لتحدّي الإدارة الاميركية في ما يخصّ مصر. ليس سرّا ان هذه الدول العربية، في مقدّمها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والكويت، سارعت الى مساندة مصر ووفرت لها الدعم المالي والسياسي المطلوب كي تقف على قدميها في تلك المرحلة الصعبة التي مرّت فيها.

ما ميّز الموقف العربي، بشكل عام طبعا، في تلك المرحلة لم يكن الحذر من إدارة أوباما فحسب، بل كان هناك ايضا نوع من الجرأة في مواجهة هذه الإدارة في ما يخص الاعتراض على سياسات معيّنة لواشنطن. قطفت ايران ثمار عملية الابتزاز التي مارستها عبر الملفّ النووي. حصلت على مليارات الدولارات من الولايات المتحدة وانفقت قسما لا بأس به من الدولارات في خدمة مشروعها التوسّعي، الذي هو في الأصل مشروع معاد لكلّ ما هو عربي في المنطقة، اكان ذلك في لبنان او سوريا او العراق او اليمن... او البحرين.

على الرغم من انّ إدارة دونالد ترامب شكلت نقيضا لادارة أوباما، خصوصا في كلّ ما يخصّ ايران، هناك في السنة 2019 ما يدعو الى الحذر والتخوّف من استعادة تجربة 2013. ففي حزيران – يونيو الماضي، اسقط صاروخ إيراني طائرة استطلاع أميركية من دون طيّار تعتبر الأكثر تطورا في العالم وتبلغ قيمتها نحو 140 مليون دولار. استعدت الولايات المتحدة للردّ على هذا العمل العدائي، خصوصا بعدما اكدت انّ الطائرة، التي اسقطت فوق مضيق هرمز، كانت خارج الأجواء الايرانية. في اللحظة الأخيرة، تراجع ترامب لاسباب ما زالت مجهولة. لكنّ الواضح، اقلّه الى الآن، ان ادارة ترامب ما زالت تراهن على الحرب عن طريق العقوبات من اجل حمل "الجمهورية الإسلامية" على تغيير سلوكها.

في المقابل، تراهن ايران على ان ترامب لن يحصل على ولاية ثانية في انتخابات خريف السنة 2020 مع ما يعنيه ذلك من تغيير جذري في واشنطن للموقف منها ومن مشروعها التوسّعي. فوق ذلك كلّه، هناك رهان إيراني على ان إدارة ترامب لا يمكن ان تدخل في أي مواجهة عسكرية، نظرا الى ان ذلك يؤثر على فرص عودة الرئيس الاميركي الى البيت الأبيض مجدّدا.

من حقّ أي دولة عربية الدفاع عن مصالحها في ظلّ إدارات أميركية متلاحقة لم تفعل شيئا غير استرضاء ايران. لا شكّ ان الإدارة الاميركية الحالية تعرف ايران جيّدا. وأثبتت ذلك من خلال خطابات ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو ومواقف مستشار الامن القومي جون بولتون. لكنّ هذه المعرفة ليست كافية اذا اُخذت في الاعتبار التصرّفات الاميركية خارج اطار العقوبات المفروضة على "الجمهورية الإسلامية" وادواتها واذرعها في المنطق. من حقّ أي عربي يريد المحافظة على مصالح بلده ان يسأل ما هي سياسة اميركا في اليمن؟ ما هي سياستها السورية؟ ما هي سياستها العراقية؟ أخيرا وليس آخرا، هل هناك موقف أميركي يتسم بالفهم الحقيقي لما هو على المحكّ في لبنان؟ استطاع بيان للسفارة الاميركية، قبل اسابع قليلة، وقف التدهور في البلد ووضع حدّ للحملة التي كان يشنها "حزب الله"، عبر ادواته المحلّية المعروفة، على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. ولكن ماذا بعد ذلك؟ هل صارت هناك لاميركا سياسة واضحة وحازمة حيال لبنان؟

لا يختلف عاقلان على ان إسرائيل تلعب دورا مهمّا، بل الدور الاهمّ، في تقرير ما هي سياسة إدارة ترامب في المنطقة. هل إسرائيل بالفعل ضدّ ايران؟ ليس من يستطيع إعطاء جواب واضح ونهائي عن هذا السؤال. كلّ ما يستطيع العقلاء بين العرب عمله هو التزام جانب الحذر في عالم ليس فيه احد يريد ان يرحم أحدا. هل من دليل على ذلك اكثر من التصرّفات الروسية التي تكشف الى أي حدّ تورطت موسكو بدورها، الى جانب ايران، وتركيا الى حدّ ما، في الحرب على الشعب السوري؟ اين اميركا من كل ما تقوم به روسيا سوريا؟

 

jordantodayonline

GMT 00:33 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عن ردع إيران إقليمياً ودولياً

GMT 00:24 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لكنْ ماذا عن المسلمين أنفسهم؟

GMT 00:20 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العرب بين أميركا بايدن أو ترمب

GMT 00:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز

GMT 00:04 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حرمان الأمومة... مرتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحذر العربي حيال اميركا الحذر العربي حيال اميركا



ارتدت فستانًا أسود دون أكمام وبقصّة الأوف شولدرز

سيرين عبدالنور تخطف أنظار متابعيها في أحدث إطلالاتها

القاهره_العرب اليوم

GMT 17:11 2018 السبت ,04 آب / أغسطس

الكاتب مايكل روزن في مهمة لإسعاد الصغار

GMT 11:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

وفدٌ من النادي الأهلي السعودي يزور هداف الدوري عمر السومة

GMT 04:55 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

فاسانو ريو أفضل بركة سباحة لمشاهدة شاطئ ايبانيما

GMT 09:01 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

درة تنجو من عقوبات الزوجة الثانية في حياة هاني سعد

GMT 08:29 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

7 من أفضل اتجاهات الموضة الرجالية في خريف 2019

GMT 10:47 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

24 منتخبًا يتنافسون على أقوى ضربة في مونديال كرة اليد

GMT 01:41 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

6 إشارات يُطلقها الجسم للإشارة إلى قصور القلب

GMT 18:51 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على سعر الدينار العراقي مقابل الريال السعودي الاتنين

GMT 18:34 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صحيفة "الخليج الجديدة" تزعم مقتل تركي الجاسر أثناء تعذيبة

GMT 11:45 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محمد صفوت يبلغ ثمن نهائي بطولة" شينزن" للتنس

GMT 08:29 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يدعم "اتحاد المكفوفين" بـنصف مليون جنيه

GMT 17:27 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مساعد ندا يعلن انتصاره في أزمته مع "السالمية الكويتي"

GMT 09:19 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

الكشف عن تفاصيل جريمة قتل رجل على يد شاب في الصف

GMT 07:22 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

خلط العطور بعضها ببعض فن عليك إتقانه مع هذه النصائح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline Jordantodayonline
jordantodayonline jordantodayonline jordantodayonline
jordantodayonline
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab