الجيش السوري

سيطرت قوات النظام السوري على خمسة أحياء جديدة في مدينة حلب بينها حي الشعار الاستراتيجي، ليصبح أكثر من 70 في المئة من الأحياء الشرقية تحت سيطرتها، في وقت يتبادل الروس والأميركيون الاتهامات بتعطيل محاولات التوصّل إلى هدنة أو تسوية لإخراج المقاتلين من المدينة، مع رفض المعارضة لأي حديث عن الخروج، تزامناً مع الحديث عن وصول أسلحة أكثر دقة للمعارضة، مع تحذير فرنسي من تقسيم سوريا، وسط غارات جديدة وضحايا جدد.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: «تمكنت قوات النظام من السيطرة على أحياء الشعار وضهرة عواد وجورة عواد وكرم البيك وكرم الجبل». وأضاف أنه مع تقدمها هذا، باتت قوات النظام تسيطر على اكثر من 70 في المئة من مساحة الأحياء الشرقية.

وقال مصدر مقرب من القوات الحكومية إن الجيش والقوات الرديفة سيطروا على كامل حي الشعار وأن مسلحي المعارضة انسحبوا باتجاه حي الكلاسة . وأضاف أن الجيش السوري سيطر على أجزاء من حي قاضي عسكر شرق قلعة حلب.

وقال إنه «بعد سيطرة الجيش السوري على حي الشعار أصبح طريق مطار حلب مؤمناً بشكل كامل». وأكد أن القوات الحكومية والقوات الرديفة تصدت لهجوم عنيف من مسلحي المعارضة على محور جمعية الزهراء غرب حلب.

يأتي ذلك في ظل أنباء عن تلقي المعارضة صواريخ وأسلحة أكثر دقة، بعد انقطاع الدعم عنهم تماماً لأشهر عدة. وقالت مصادر مطلعة إن الأسلحة لا تعتبر نوعية، إنما أكثر دقة وتقنية عن الأسلحة المقدمة سابقاً، وستشكل حافزاً كبيراً للمقاتلين من أجل التقدم في مناطق القتال من خارج حلب لفك الحصار عنها.

وأكد فصيلان مقاتلان على الأقل في شرق حلب عزمهما على قتال «الاحتلالين الروسي والإيراني حتى آخر نقطة دم» ورفضهما اي اقتراح لإخراج المقاتلين من المدينة. ورفضت فصائل مقاتلة الخروج من المدينة على أساس أي خطة يتفق عليها في المحادثات الأميركية الروسية.

وجاء موقف المعارضة بعد ساعات من اعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن محادثات قريبة مع الأميركيين لبحث إخراج الفصائل المقاتلة من حلب. وكانت هذه المحادثات مقررة أمس أو اليوم، لكن تم الغاؤها على ما يبدو على خلفية التباين في وجهات النظر بين الجانبين.

واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة بالمماطلة في بحث مسألة خروج مقاتلي المعارضة. وقال في مؤتمر صحافي مع الأمين العام لمجلس اوروبا ثوربيورن يغلاند: «فهمنا انه من المتعذر اجراء مناقشة جدية مع شركائنا الاميركيين».

وقال لافروف إنه اتفق مع نظيره الأميركي جون كيري خلال لقائهما في روما الجمعة الماضية، على عقد لقاء حول سوريا في جنيف. وتابع: ولكن (الاثنين) تلقينا فجأة رسالة تقول إنهم للأسف لا يمكنهم عقد لقاء معنا (الأربعاء) لأنهم غيروا رأيهم وسحبوا الوثيقة».

وأضاف: «والآن لديهم وثيقة جديدة تعيد كل شيء إلى نقطة الصفر». واتهم لافروف الأميركيين بالسعي إلى هدنة في حلب من أجل كسب الوقت حتى تتمكن الفصائل المقاتلة من استعادة انفاسها.

ونفى كيري ان تكون واشنطن رفضت عقد لقاء مع روسيا. وقال كيري على هامش اجتماع وزاري للحلف الاطلسي في بروكسل: «لست على علم بأي رفض محدد أو ما هي هذه الخطة الجديدة» لحلب. واكتفى بالقول «سنرى ما سنفعل».

من جهتها، اتهمت نائبة المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة ميشال سيسون، موسكو بمحاولة كسب الوقت، واكدت عدم وجود اي اختراق في المحادثات بين الطرفين. واعتبرت أن موسكو «تريد الاحتفاظ بمكاسبها العسكرية»، مضيفة لن نسمح لروسيا بخداع مجلس الأمن.

في غضون ذلك، اكدت الحكومة السورية «رفض اي محاولة من اي جهة كانت لوقف اطلاق النار شرق حلب ما لم تتضمن خروج جميع الإرهابيين منها». واعربت في بيان اصدرته وزارة الخارجية عن «امتنانها» لروسيا والصين لاستخدامهما حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.

وإثر الفيتو المزدوج، وصفت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الوضع في حلب بأنه «عار». وقالت في خطاب امام مؤتمر حزبها، إن «من العار اننا غير قادرين على اقامة ممرات انسانية لكن يجب ان نستمر» في المحاولة، منتقدة دعم روسيا وايران لـ«نظام (الرئيس بشار) الأسد في تحركه الوحشي ضد شعبه».

في السياق، أكدت مصادر عسكرية في المعارضة فشل المفاوضات بين ممثلي فصائل المعارضة والوفد الروسي بشأن حلب. وأشارت المصادر إلى أن المفاوضات استمرت 10 أيام برعاية تركية في العاصمة أنقرة، لكنها لم تفض إلى نتيجة.

في إدلب شمال غرب سوريا، قتل 25 مدنيا على الأقل جراء غارات يرجح انها روسية، استهدفت مناطق عدة في المحافظة وريفها. وقال عبد الرحمن: «تسببت غارات يرجح ان طائرات روسية شنتها على مناطق عدة في مدينة ادلب وريفها بمقتل 25 مدنيا على الاقل بينهم اطفال».

إلى ذلك، حذر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أمس، من ان احتمال تقسيم سوريا يلوح في الافق، متحدثا عن جزء «سوريا المفيدة» الذي سيكون تحت سيطرة النظام وحلفائه، والآخر «داعشستان» تحت سيطرة التنظيم الإرهابي.

وقال ايرولت في مقابلة مع اذاعة «ار اف اي» إن الحل الوحيد لتجنب ذلك هو إجراء مفاوضات سياسية، مؤكدا ان «المسار العسكري يؤدي الى فوضى دائمة في هذه المنطقة».

وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس فرنسوا هولاند سيتفقد بعد غدٍ الجمعة، حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش»، في المتوسط، لتأكيد التزام فرنسا وتصميمها على محاربة الإرهاب.

أكدت وزارة الخارجية المصرية أن مصر كانت تفضل استمرار عملية التشاور حول مشروع القرار الذي لم يتبناه مجلس الأمن والذي تقدمت به مع إسبانيا ونيوزيلندا للتعامل مع الأوضاع الإنسانية في حلب، من أجل ضمان تحقيق التوافق الكامل بين أعضاء مجلس الأمن عليه.

وأكدت الخارجية في بيان، أن مصر بذلت جهداً كبيرة على مدار الأسابيع الماضية بالتشاور مع أعضاء المجلس لتقريب وجهات النظر حول مشروع القرار، إلا أن بعض الدول الأعضاء أصرت على طرح المشروع للتصويت في صورته الحالية التي لم تكن تحظى بموافقة كافة الدول.

وأضاف البيان: «تأمل مصر أن يستمر مجلس الأمن في الاضطلاع بمسؤولياته تجاه الشعب السوري، ويواصل جهوده من أجل التوصل إلى رؤية واضحة ومتفق عليها للتعامل مع التحديات الإنسانية في حلب وباقي المدن السورية بشكل يحقن دماء الشعب السوري».

وفي غضون ذلك، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن هناك مسؤولية جماعية على كل الأطراف الدولية للتوصل إلى صيغ تحقق حلاً للأزمة السورية.